د. عبدالرحمن الشلاش
ما أجمل فجر الخميس السادس من الشهر السادس من عام ألف وأربعمائة وستة وثلاثين للهجرة. لم يكن فجراً مبتلاً بالمطر ومشبعاً بالرطوبة اللذيذة ومترعاً بالنسمات العليلة فحسب، بل كان مجللاً ومكللاً بالعزة والشموخ والفخار لوطننا العزيز المملكة العربية السعودية. فرق شاسع بين أن تؤوي إلى فراشك مبكراً محاطاً بالإحباطات من وضع يحيط ببلادك وجيرانها من تهديد مدعوم من عدو أجنبي حاقد, وجماعات إرهابية حوثية وقاعدية وداعشية تتحرك بحرية في أرض اليمن الشقيق تهدد أمنك واستقرارك، وبين أن تصحو فجراً على وقع العزة والكرامة والشموخ يحيط بوطنك من كل جانب بعد قرار استباقي تاريخي عظيم.
أطلق قائدنا الملهم سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - عاصفة الحزم بمشاركة من دول شقيقة، وفي هجمات سريعة باغتت العدو من حيث لم يحتسب، وأثخنت جراحة بعد أن بعثرت أوراقه وعزلته عن المصدر الرئيس لتمويله الدولة الفارسية الصفوية التي تخطط للاستيلاء على كل المضايق المائية والمناطق الإستراتيجية، ليسهل عليها السيطرة على المنطقة بأكملها، وفق أجندة سياسية تحركها تحت غطاء حماية الشيعة في المنطقة، وهو غطاء مكشوف وعارٍ أثبتت الأيام زيفه، وأنه خديعة كبرى راح ضحيتها الشيعة العرب المسالمون وتكسَّب من ورائها أبواق النفاق للأسياد في إيران من أمثال حسن نصر الله وغيره من الأذناب الذين ابتليت بهم أوطان العرب.
عاصفة الحزم حققت نتائج رائعة منذ الساعات الأولى لانطلاقتها المباركة، وحتى هذه اللحظة يُبشرنا كل يوم جديد بأخبار سارة، ويُؤمل تحقق نتائج أكثر في المستقبل القريب والبعيد - بإذن الله -.
من النتائج الأولية أن العاصفة أثبتت حزم القيادة الرشيدة وعزمها على التصدي لأي معتدٍ مهما بلغ من القوة والنفوذ، فأفعالها تسبق أقوالها فلا تعتمد على التصريحات الجوفاء والفرقعات الإعلامية، لذلك كانت المفاجأة حاضرة لتكسر ظهور الحوثيين، وتبدد آمال وطموحات إيران وعملائها، فظهروا بتصريحات مرتبكة ومتناقضة مع توسلات بوقف الضربات الجوية الموجعة والجلوس على طاولة المفاوضات، كما أجادت القيادة السعودية سيناريوهات التفاوضات السرية وتسوية الأوضاع مع الشركاء قبل إطلاق العاصفة، والاستعداد بسرية تامة مع إتقان عنصر المفاجأة والمباغتة بالاعتماد - بعد توفيق الله - على قوة جوية ضاربة، وقوات برية تقف على أهبة الاستعداد تنتظر الأوامر.
من بركات عاصفة الحزم اتحاد الكلمة داخلياً بمباركة معظم الأطياف الوطنية لها، وخارجياً بمشاركة دول الخليج ومصر والسودان والأردن والمغرب والباكستان، ومباركة القمة العربية للخطوات المتخذة مع التوصية بتكوين قوة عربية.
ولعل من النتائج المتوقعة مستقبلاً عودة الثقة تدريجياً بمقدرات الأمة العربية وقدرتها على الوقوف بقوة في وجه التحديات، وتقليم أظافر إيران بعد تخليص المنطقة من كل الجماعات الإرهابية الموالية للفرس أو الدائرة في فلكهم من عصابات السوء والخيانة، وأخذ البلدان العربية لزمام المبادرة لحل كثير من المشكلات العالقة والمزمنة.
تصفية الجماعات الإرهابية ومنها الحوثيون ستزيد من قوة الأنظمة العربية، فهذه الجماعات أحدثت تداخلات فجة أثّرت على مسيرة العمل العربي المشترك، وأوقفت عجلة التنمية في أكثر من قطر عربي، وأدت إلى تشويه هذا الجزء الهام من العالم.. المهم مواصلة العمل بنفس القوة لحماية بلداننا من التهديدات وصناعة شخصية عربية تهابها كل أمم الأرض.