مع احتدام معركة «عاصفة الحزم» بين إخوتنا المجاهدين العسكريين من داخل المملكة وخارجها من الدول الإسلامية المتحالفة لصد العدوان وحماية قبلة المسلمين من الحوثيين البغاة المعتدين، يسقط العديد من الشهداء العسكريين الأبطال ممن ضحّوا بأنفسهم ومهجهم لأجل الذّود عن حمى الدين وبلاد الحرمين الشريفين قبلة المسلمين ومهبط أفئدتهم، فهؤلاء الأبطال من أقل حقوقهم أن يعاملوا معاملة خاصة بهم وبأسرهم التي فقدتهم، فقبل أكثر من «35» عاماً حينما وقعت فتنة الحرم المكي الشريف وعلى إثر تطهير البيت الحرام من المعتدين استشهد مجموعة من رجال الأمن الأوفياء - رحمهم الله، وفي ذلك الحين تسابق مجموعة من المواطنين والوجهاء للتبرع لأسر الشهداء، فجُمع ما يقرب من مائة وعشرة ملايين ريال تبنّت الدولة تأسيس مبرة خيرية تحمل اسم «مبرة شهداء الحرم المكي»، خصص هذا المبلغ كنواة لوقف يحمل اسمهم ويعود بالنفع الدنيوي والأخروي عليهم وعلى أسرهم. وجاء في بعض أحكام نظام المبرّة المؤيد بالأمر السامي الكريم رقم (8-1971) وتاريخ 8-9-1401هـ، يلتزم مجلس المبرة بأحكام هذا النظام ومنها كما في المادة الثامنة: تصرف الأموال التي تم أو يتم تحصيلها، من المتبرعين لشراء أوقاف يكون أجرها وثوابها للشهداء، ويسجل على مستندات وسجلات الأعيان التي يتم شراؤها لدى جهات الاختصاص (أوقاف شهداء الحرم المكي الشريف) بالطرق النظامية المتبعة في مثل ذلك، كما نصت المادة التاسعة على ما يلي: توزع غلة الأوقاف على النحو التالي: يصرف من غلة الأوقاف ما يلزم لحفظ رقية الوقف من ترميم وإصلاح وصيانة، ويصرف خمسون في المائة من الباقي على الأعمال الخيرية وأعمال البر سواءً بإعانة المعوزين والفقراء والمساكين أو إنشاء مشاريع خيرية كالأربطة والمساجد وخلافها أو الإسهام في أي عمل خيري آخر، وفي حالة حاجة أسر الشهداء فهم أولى بهذا البر من غيرهم، لأن الدولة تكفلت بأسرهم. وقد شيدت المبرة منذ قرابة «30» عاماً وقفاً ضخماً «فندق الشهداء» المجاور للحرم الذي يعد الوقف الرئيس لهذه المبرة التي يتولى نظارتها من ذلك الحين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز آل سعود ومجموعة من رجال الأعمال.
نتطلع إلى مبادرة حكومية ومجتمعية من البنوك والشركات ورجال الأعمال والموسرين وعامة أفراد المجتمع لتخصيص وقف دولي يحمل اسم «وقف شهداء الحزم» وفاءً وعرفاناً بدورهم وتضحياتهم في حسم معركة عاصفة الحزم الحاسمة ويخصص ريع الوقف لأسر وعوائل الشهداء من الدرجة الأولى على وجه الخصوص، ويؤول بعدها لأعمال الخير والبر والإحسان يكون ثوابه وأجره لهم ليستمر تدفق العمل الصالح لهم. فهذا أقل ما يبذل لأخوتنا وأحبتنا العسكريين الذين يبذلون أرواحهم فداءً ونصرة للدين وحماية لبلاد الحرمين الشريفين من اعتداء البغاة والمفسدين.
د. خالد بن هدوب المهيدب - الأستاذ المشارك بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز