المؤلف: عرفان حبيب؛ ترجمة:أحمد عبد العزيز العباسي.
الناشر: مشروع «كلمة» للترجمة؛ أبوظبي؛ 2015
يتناول الكتاب الجوانب الثقافية المتعددة للهند في العصور الوسطى ولثلاث فترات زمنية تمتد ما بين (600 - 1750م). يناقش المؤلف عدداً من الجوانب المرتبطة بثقافة وحضارة الهند مثل: النظام السياسي والدين والآداب والفنون الجميلة والفن المعماري والتعليم كما أنه يركز على الكيانات والطبقات الاجتماعية والاقتصاد والتكنولوجيا ومدى ارتباط تطور هذه الجوانب بالأحداث التي دارت في الهند ومنها وصول المسلمين إليها واندماجهم في المجتمع الهندي وإسهامهم الملحوظ في شتى مجالات الحياة خصوصاً مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا.
ونظراً لطول الفترة الزمنية التي تمت دراستها في الكتاب، فقد تم التركيز على دراسة ثقافة وحضارة الهند خلال ثلاث مراحل وهي بالترتيب: من 600 إلى 1200، ومن 1200 إلى 1500، والمرحلة الأخيرة من 1500 إلى 1750م. ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن المرحلة الأخيرة قد أخذت حيزاً أكبر من الدراسة والتحليل، ولم يكن هذا الاهتمام بهذه المرحلة التي امتدت لقرنين ونصف بسبب قربها من عصرنا فحسب، بل بسبب توافر المواد والمصادر الأولية والسجلات والوثائق والروايات التأريخية المفصلة والشاملة ووجود عدد كبير من الكتب التي تم الحفاظ عليها من خلال المخطوطات ومدونات الرحالة الأجانب والسجلات التجارية للأوروبيين.
ومن أبرز المحاور التي تناولها مؤلف الكتاب والمتصلة بحضارة وثقافة الهند وطبيعة تكوين المجتمع الهندي؛ جغرافية الهند وتركيبتها السكانية المتناثرة وانتشار التجمعات السكانية القروية منها والحضرية إضافة إلى التجمعات السكانية في الغابات، وأثر هذا الوضع على تأسيس نظام الإقطاع وظهور الطبقات الأرستقراطية المحلية.وبحسب كثير من المؤرخين، فإنَّ الفترة التي سبقت بداية نظام السلاطين في دلهي عام 1206م كانت قد اتسمت بفشل الدويلات الهندية المتعاقبة التي هيمن فيها نظام الإقطاع في الهند.
كما أشار الكتاب إلى مختلف العلوم التي ازدهرت في الهند أو التي انتقلت إليها من ثقافات اخرى مثل علوم الطب والفلك والرياضيات والزراعة والهندسة المدنية والصناعة الحربية وغيرها. واستعرض كذلك مختلف الصناعات اليدوية والحرفية والآلات والمعدات التي تم ابتكارها في الهند وتم تدعيم ذلك بالرسوم التوضيحية لتلك الآلات والمعدات وكيف تطورت خلال المراحل التأريخية قيد الدراسة، ولعل أبرز الصناعات التي حظيت باهتمام كبير من قبل حكام الدويلات الهندية تلك المتعلقة بصناعة السفن والصناعة الحربية ومعدات الزراعة والري.
وتناول الكتاب بطريقة تحليلية أهم الديانات التي انتشرت في الهند حيث ركز على المعتقدات والأديان الرئيسة مثل الإسلام والهندوسية والمسيحية والسيخية، بالإضافة إلى ذكر أبرز الطوائف الدينية المتعددة في الهند: واستعرض المؤلف عوامل التأثير والتأثر وطبيعة التعايش بين مختلف هذه الأديان والطوائف وكيف أسهم هذا التنوع في تكوين ملامح الثقافة الهندية وإرساء قواعد حضارتها.
وتناول الكتاب أيضاً ما ذكره المؤرخون الهنود من أن دخول الإسلام إلى الهند كان هو البديل الرئيسي في ظل الظروف الدينية التي كانت سائدة في أوائل العهد الوسيط في الهند. فقد كانت الجزيرة العربية هي حاضرة ومأوى الرحالة والمسافرين والمزارعين بمدنها وأسواقها المنتشرة في أماكن كثيرة
ويتضمن الكتاب كذلك ما شهدته الهند من تطور في مجالات الفنون (العمارة - النحت - الرسم) فنجد أن الآثار المعمارية الباقية حتى الآن هي في معظمها عبارة عن كتل من الكهوف ومبان تم تشكيلها من صخور حية، وتركزت الأنماط المعمارية على بناء المعابد والسراديب والقباب والأبراج والأقواس، وكل ذلك أسهم بشكل مباشر في تطور فن النحت على الصخور.