د.علي القرني
من الملاحظ ظهور جيل إعلامي جديد من حيث لا ندري. وهذا الجيل شباب وشابات ظهر وعاش وتدرب وتخرج على بيئة الإعلام الجديد، ومستجدات تقنيات الاتصال التي أحدثها الإنترنت بجوانبه المختلفة، التقنية والبرامجية والمحتويات/ المضامين التي أفرزها خلال عقد وأكثر من الزمن الجديد في عالمنا الذي نعيشه اليوم في المجتمعات البشرية...
...والمجتمع السعودي ليس استثناء؛ فقد ظهر هذا الجيل الإعلامي الذي نشاهده اليوم بتميزه وتفوقه ومتابعته الدقيقة المتخصصة لكل ما نشاهده ونقرؤه من إنتاج إعلامي/ اتصالي واسع جدًّا ومؤثر على الحياة العامة في مجتمعنا. ما كنا - ولا نزال - نلاحظه خلال السنوات الماضية هو ظهور هذا الجيل الجديد الذي استطاع بنفسه دون الاعتماد على أحد أو التوسط بأحد، أو حتى ربما دون التعلم من أحد، الوصول إلى نجومية وطنية/ عربية/ عالمية من جراء الدخول إلى عالم الإنترنت، وتوظيف إمكانياته الفنية والترويجية في خدمة هذا الجيل الذي نعده استثنائياً بكل مقاييس النجاح والتفوق المعتادة. ونشاهد هؤلاء النجوم بوضوح تام أمام أعيننا، وداخل منازلنا، وفي بيئتنا الاتصالية الكبرى التي نعيشها، والفضاء العام الذي أُتيح لنا. يظهر هذا الجيل الشبابي ليدخل التاريخ كجيل مؤسس لبرامج وإنتاجات إعلامية / اتصالية كبيرة، لها متابعاتها ومشاهداتها وانتشارها وتفاعلاتها الواسعة، وأصبحنا - رجالاً ونساء، صغاراً وكباراً - من المتابعين والحريصين جدًّا على تلك المتابعة، للمتعة أو الانبهار أو التشويق أو الإضافة والاستفادة من تلك النتاجات الاتصالية المتنوعة. وقد أحدث هذا الجيل فارقاً واضحاً في التغيير الذي يعيشه مجتمعنا وباقي المجتمعات العربية والعالمية في هذه الحقبة الكونية الجديدة. لقد حل هؤلاء النجوم مكان النجوم التقليديين الذين كان يتم صناعتهم من خلال مؤسسات مجتمعية مختلفة، كالرياضة والفن والسياسة والثقافة والأدب والإعلام، وأصبحنا أمام حقيقة ظهور نجوم من خارج هذه المؤسسات التقليدية في صناعة النجومية غير التقليدية. ونحن لا نقول إن النجوم التقليديين اختفوا من الساحة، ولكن نحن نقول إن هناك نجوماً آخرين بدؤوا ينافسونهم على الساحة، ويزاحمونهم في أضواء تلك النجومية، وأصبحنا أمام أعداد أكبر من النجوم، ومساحات أوسع من المجالات التي نعيشها ويظهر فيها نجوم جدد على ساحة تلك المجالات. اليوم نجوم الإنترنت أصبحوا جزءاً من نجوم المجتمع، بل يتقدمون عليهم في بعض الأحيان نظراً لجماهيريتهم على مستوى الشباب وحتى الأطفال الصغار، فهم قوة جماهيرية تغذي هذا النجاح الكبير لدى نجوم الإنترنت. وإذا أمكن التفريق بين نجوم المجتمع ونجوم الإنترنت فيمكن القول إن نجوم الإنترنت صناعة ذاتية، ونجوم المجتمع صناعة مؤسسات، وما يصنع الفارق أن نجوم الإنترنت في معظمهم شباب إلىدرجة الأطفال أحياناً، وهم من الجنسين شباباً وشابات، على عكس نجوم المجتمع؛ فهم أكبر سناً، ويميلون إلى العنصر الذكوري، وتغيب فيه الأنثى بنسبة كبيرة.. كما أن وسائل الإعلام التقليدية منافذ لظهور وترويج نجوم المجتمع، ولكن الإنترنت هو أداة ترويج وتسويق ومتابعة نجوم الإنترنت، إضافة إلى أن الكثير من وسائل الإعلام التقليدية، من صحافة وإذاعة وتلفزة، بدأت تعطي مساحات واسعة لنجوم الإنترنت في مجتمعنا، بمعنى أن مزاحمة نجوم الإنترنت لنجوم المجتمع في وسائل الإعلام التقليدية أكسبتهم شرعية جديدة ونجومية طاغية في المجتمع، ومع الوقت أصبح نجوم الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من نجوم المجتمع، بل أصبحوا متقدمين على الجميع في أكثر الأحيان.