«كنت أراجع قائمة حجوزات المطعم عندما انتبهت إلى أن «محمد ابن سلمان» حجز طاولة مع عدد من مرافقيه. لم أكن أعرفه وقتها، ولكنني توقعت أنه ابن الأمير (الملك) سلمان، فوجهت الموظفين بما يلزم، وانشغلت بعملي» يروي رجل الأعمال الشاب.
«في الموعد المحدد، وصل الأمير ومن معه، وسألوا عن طاولتهم وجلسوا إليها. أردت أن أرحب به وأسلم عليه، وما كدت أقترب حتى اعترضني أحد المرافقين، وسألني عن غرضي. قلت له إنني صاحب المطعم، وأحببت أن أحيي الأمير، فنظر إلي مستغرباً، لأنني كنت ألبس ملابس العمل، البنطال والقميص، فشرحت له إنني أيضا أدير المحل، ولكنني مواطن سعودي.
طلب مني أن أنتظر حتى يستأذن، فقلت له أن لا يفعل. فالمحل محلهم، ولا أرغب في إزعاج الأمير، وخرجت من المطعم لأستعيد توزاني بعد الموقف المحرج الذي وجدت نفسي فيه أمام الموظفين والزبائن.
عدت بعد دقائق لأواصل عملي، فسمعت من يناديني بحماس: محمد، أخ محمد! التفت لأجد الأمير الشاب مقبل علي بكل ود والبسمة تشرق في محياه، ليرحب بي ويدعوني إلى طاولته. وبعد جلوسي معه، سألني عن نشاطي، وشجعني على العمل الحر، كشاب متخرج، فضل الخوض في تجربة جديدة، على البحث عن وظيفة. كما أبدى إعجابه بالمطعم، ووعد أن يكرر الزيارة، ويشجع غيره على زيارته.
كان لقاء جميلا لا ينسى، استعدت فيه كبريائي وشعرت بمحبة دافقة لهذا الأمير اللطيف، الذي وفى بوعده فتكررت زياراته ودعا آخرين.
ولذلك، فإنني اليوم متفائل بمستقبل الشباب السعودي وأنا أرى رمزا من رموزه المشرقة يصل إلى ما وصل إليه من موقع يسمح له بالمساهمة في توجيه وإدارة الاقتصاد والتنمية بما يشجع مبادراتهم ويوسع فرص العمل لهم».
هذه القصة التي رواه رجل الأعمال الشاب محمد بن عبدالعزيز خوجه، لم تكن الوحيدة التي تصف شخصية النجم الصاعد في سماء الإدارة، رئيس الديوان الملكي، وزير الدفاع، والمستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
يقول زميل له في قسم القانــون بجامعة الملك سعود، «من الصعب أن تعرف أن هذا الطالب المثابر، الجاد، الذي لا ترضيه غير درجة الامتياز، ومستعد لإعـــادة البحث وعمل تكليفات إضافية للحصـــول على درجة أفضل، هو ابن أمير منطقة الرياض (في ذلـــك الحين). فبالإضافة إلى حماسته للتعلم، تجد نفسك أمام شخصية متواضعة، بسيطة، محافظة، متدينة، لا تميل إلى الاختلاط والمشاركة في غير الأنشطة الصفية. كان واضحا عليه أنه يسعى وراء شيء ما، هدف ما، يكرس كل نشاطه وعطائه له. ولذلك فلم يكن يريد أن يشغله عن مطلبه شيء، إضافة إلى ما علمناه من قربه لوالده وحرصه على الاستفادة من فائض وقته في العمل معه والتعلم منه.
لقد كان هناك أبناء أسر كبيرة وكريمة وثرية من يشعر الآخرين بمكانته ومقامه، أما محمد بن سلمان، فيبدو أنه يحاول العكس. يتعامل مع زملائه وأساتذته كطالب مجد، وحسب.
ما سبق يشي بشخصية الأمير الشاب، الذي يكاد لا يعرفه إلا القليل. فسنوات عمره الثلاثين قضاها في طلب الخبرة والعلم والمعرفة من مصدرين رئيسيين، التعليم النظامي، ومدرسة سلمان بن عبدالعزيز في الإدارة والحكم. ولعل قربه من والده وعمله المباشر معه في الإمارة ووزارة الدفاع وديوانه لم يعط له مساحة واسعة للتعرف والتعريف بنفسه. كما أن تمثله شخصية الأمير سلمان، جعله أحرص على العمل بعيدا عن الأضواء.
ولعله أخذ من والده أيضا اهتمامه بالإعلام، وإن ابتعد عن مسرحه. فالملك المثقف الذي أشرف على إنشاء أكبر دار نشر عربية (الشركة السعودية للأبحاث والتسويق) وعلى إدارة أقوى إعلام عربي، الإعلام السعودي ممثلا في دوائرة الرسمية ومبادراته الخاصة، هو الأب الفعلي للصحافة والثقافة والتاريخ في بلادنا. والأمير محمد بن سلمان، بحكم سنه، مهتم بدوره بالإعلام في نسخته الجديدة، الإلكترونية. فمعروف عن الأمير الشاب تعاطيه اليومي ومتابعته الدقيقة للصحافة الإلكترونية وجهات التواصل الاجتماعي.
لقد كان الأمير (الملك) سلمان أصغر من ابنه محمد عندما تولى إمارة الرياض، وعمره لم يتجاوز التاسعة عشرة، في عام 1954، وهو المنصب الذي سبقه إليه أخوه الأمير نايف بن عبدالعزيز (رحمه الله). واليوم يتولى الأمير الابن منصبه الجديد، كوزير للدفاع، ورئيس للديوان الملكي ومستشار لخادم الحرمين الشريفين، وهو في الثلاثين.
وبالإضافة إلى مناصبه الرسمية، يتولى الأمير الشاب رئاسة مركز الأمير سلمان للشباب، الذي أُسس بمبادرة من الملك سلمان من أجل تعزيز جهود المملكة في دعم الشباب، والأمين العام لمركز الرياض التنافسي. وفي عام 2011م أنشأ مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية، التي يترأس مجلس إدارتها، والهادفة إلى دعم تطوير المشاريع الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع، من خلال تمكين الشباب وتطويرهم، وتعزيز تقدمهم في ميادين العمل والثقافة والأدب والقطاعات الاجتماعية والتقنية.
كما أنه نائب رئيس جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري ورئيس اللجنة التنفيذية للجمعية، التي تشكلت من مجموعة من الأكاديميين وخبراء علم الاجتماع وأعيان المجتمع لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود. وعضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض. وعضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض، ورئيس مجلس إدارة مدارس الرياض (مدارس غير ربحية).
ولعل خريج القانون، الأمير محمد بن سلمان، أصغر وزير دفاع في العالم اليوم، ورئيس المجلس الوزاري للشؤون الاقتصادية والتنمية، وبتوجيه معلمه الأول والأكبر سلمان بن عبدالعزيز، يثبت خلال السنوات القادمة أن شباب الثلاثين في بلادنا، والذين يمثلون سبعين في المائة من سكانها، قادرون بإذن الله وبدعم وتوجيه قيادة حكيمة ورشيدة، التحليق بنا إلى العالم الأول.. العالم الجديد.