د. عبدالواحد الحميد
كان لا بد أن تنطلق عاصفة الحزم، رغم الحرص ولمدة طويلة من جانب المملكة على تَجَنُّبِ عملٍ من هذا النوع، لكن الحماقة الحوثية أفسدت كل شيء!
فالحوثيون رفضوا الحوار، واستولوا على السلطة بالقوة، وحرَّكوا السلاح والعتاد باتجاه عدن، وكان واضحاً أنهم يريدون فرض الأمر الواقع ثم يبدأون بابتزاز كل الأطراف.
ليس ذلك فحسب، بل إن الحوثيين الذين جلبوا التدخل الإيراني لم يوفروا أي كلمة قبيحة بحق المملكة إلا واستخدموها! بل زادوا على ذلك بإطلاق التهديد والوعيد للمملكة وتحدوها بأنها لن تستطيع أن تفعل أي شيء إزاء ما يحدث في اليمن، ثم قاموا بتحريك بطاريات الصواريخ باتجاه حدود المملكة في عمل استفزازي صبياني لا مبرر له!
ثم تسارعت الأحداث، وأطبق الحوثيون على عدن مهددين باعتقال الرئيس الشرعي للبلاد بحكم الدستور، وتنفيذ اعتقال وزير الدفاع الصبيحي وتسفيره إلى صنعاء، والإعلان عن جائزة بعشرين مليون ريال لمن يرشد الحوثيين إلى مكان الرئيس عبد ربه منصور هادي، وغير ذلك من الحركات البهلوانية التي تدل على أن القوم يعيشون في عالم آخر غير العالم الذي نعرفه.
وكان هناك عتبٌ من أصدقاء ومحبي المملكة تجاه ما تبديه من صبر طويل، وبخاصة أن دور الأصابع الإيرانية واضح في كل ما يحدث. فإيران، بكل أسف، تسير وفق سياسة تقوم على الرغبة في الهيمنة على المنطقة العربية ونجحت في تنفيذ ذلك في العراق وسوريا ولبنان، فأصبحت المملكة محاطة بقوى معادية حتى داخل الجزيرة العربية بعد تمدد الحوثيين في اليمن ورفعهم لأعلام إيران وصور الخميني وخامنئي.
إنني لا انطلق من أي رؤية مذهبية ضيقة وإنما من رؤية وطنية عروبية ومن نظرة استراتيجية وفق «ألف باء» السياسة. فأي دولة لا ترضى أن تأتي قوة معادية غريبة ـ هي إيران في هذا الظرف الزماني والمكاني ـ وتطوقها من جميع الجهات مستمرئة نهج التطاول والغطرسة والوصاية ثم لا تفعل تلك الدولة شيئاً لحماية أمنها واستقرارها.
عاصفة الحزم، هي ببساطة، رد عملي على الرعونة الحوثية والغطرسة الإيرانية ودعم للسلطة الشرعية في اليمن الشقيق، وقد جاءت كي تضع الأمور في نصابها. فلو سكتت السعودية على صولات وجولات إيران في المنطقة لكان ذلك خدشاً لهيبتها واعترافاً بالضعف، وهذا ما لا يرضاه أحد في هذا البلد بصرف النظر عن أي اعتبارات، فالوطنية لا تقبل المساومة. ومن المؤكد أن هذا لم يكن خيار المملكة الأول، بدليل صبرها الطويل حتى ظن البعض بها الظنون وحسبوا أن صبرها الجميل وحلمها الكبير عجزاً وخوراً وراحوا يتطاولون على البلد حكومة وشعباً عبر منابرهم الإعلامية!
نسأل الله أن يحفظ وطننا الحبيب واليمن الشقيق وكل الأوطان العربية.