د. محمد عبدالله العوين
أخيراً.. عقد العزم وجاء «الحزم» بعد أن طفح الكيل ونفد الصبر، وبعد أن طرقت كل الأبواب الدبلوماسية وبحت الأصوات بالمناشدات واتخذت القرارات العربية والدولية ووجهت الرسائل الملمحة والمصرحة إلى العصابة الحوثية بالتزام العقل وعدم زج اليمن في بؤس الفوضى والحروب الأهلية، والكف عن استلابه تاريخه العربي وبتر جذوره الإسلامية برميه في الحضن الإيراني الفارسي؛ ولكن زعيم العصابة المدعو عبدالملك الحوثي لا يسمع إلا الوعود الخلابة من طهران، ولا يرى إلا المدد الروحي المتخيل من قم.
لقد بلغ السفه ووصلت الحماقة واستبدت الغطرسة بدعي الحوثيين إلى أن يتفاخر قبل أسبوع بالقيام بمناورات عسكرية على الحدود السعودية الجنوبية مهدداً بلادنا بالغزو، وقد سبق هذا التهديد الاستعراضي أن أطلق النافق «عبدالكريم الحوثي» الذي قتله أبطال القبائل اليمنية بأنه سيحرر «مكة».
لا شك أن هذه اللغة الشوفينية الشعوبية المتطرفة لم نسمعها من قبل إلا على لسان عمائم قم الصفويين، وقد تلقفها جهال الحوثيين كما تلقفها من قبلهم سفهاء سابقون من التيار الصفوي الفارسي أو الطائفي العربي المخدوع بالدعاوى الفارسية في العراق وسوريا ولبنان والبحرين.
ويعلم اليمنيون جميعهم كيف سعت إيران إلى استعطاف فصيل من الزيديين في صعدة وكسب ولائهم بعمليات استخباراتية طويلة سخية وتحويلهم إلى الاثني عشرية؛ ليكون هذا الاتجاه المذهبي الطائفي غطاء للتدخل الفارسي في جنوب الجزيرة العربية، وابتدأ هذا الاتجاه يتمدد ويقوى بدعم إيران لبدر الدين حسين الحوثي الذي قتل عام 2004م على يد قوات الشاويش علي عبدالله صالح ثم لعبد الملك بن حسين الحوثي الذي استغل مرحلة الخريف العربي وثورة الشعب اليمني على استبداد وفساد الشاويش وسعى بتوجيه وإرشاد ومدد إيراني إلى اختطاف الثورة وتوجيهها بالرشاوى وشراء الذمم لعدد من زعماء القبائل ولعدد من كبار العسكريين إلى الوجهة التي يستطيع أن يصل من خلالها بالخداع وبأسلوب الخطوة خطوة إلى القصر الرئاسي في صنعاء؛ ليكون الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب الإيراني «عبد ربه منصور هادي» صورة شكلية ودمية تأتمر بأمر العصابة الحوثية، ثم تم الانقلاب عليه وعلى حكومته، وتم حصاره، إلى أن وجد طريقاً للفرار إلى اليمن الجنوبي؛ ليتخذ من عدن عاصمة بديلة للعاصمة الشرعية صنعاء؛ ولكن العصابة الحوثية الطامعة إلى أن تكون اليمن كلها لا صنعاء ولا تعز ولا مأرب ولا صعدة ولا عمران ولا لحج وحدها خاضعة للإمبراطورية الفارسية فحسب؛ بل اليمن كله من شماله إلى جنوبه؛ ليكون المدخل إلى السيطرة على الجزيرة العربية كلها بما فيها المملكة ودول مجلس التعاون، وامتداد الهيمنة على الأمة العربية، بعد أن اكتمل الهلال الفارسي الذي بدأ من العراق ثم امتد إلى سوريا ولبنان وانعطف إلى اليمن، ويراد أن يصبح لا هلال فقط؛ بل دائرة كاملة تطوق الأمة العربية لتكون خاضعة للإمبراطورية الفارسية التي استقرت عاصمتها من جديد في بغداد؛ كما ادعى علي يونسي مستشار حسن روحاني.
لقد اتخذ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وبعد مناشدات من الرئيس اليمني الشرعي إلى دول مجلس التعاون وإلى الجامعة العربية وإلى مجلس الأمن قرار عاصفة «الحزم» الحازمة؛ لإيقاف المد الفارسي وكسر خشم إيران وإفشال مخططها الشعوبي العرقي الفارسي الشوفيني المتطرف الذي بدأته بإنشاء وتكوين الجماعات التكفيرية المتطرفة كالقاعدة التي تحتضن أبرز قادتها في طهران، وكداعش التي كونت ومولت عن طريق المخابرات الإيرانية وبرعاية حزب الله في لبنان والمالكي في العراق وبشار في سوريا؛ لتسعى إيران من خلالها إلى تفتيت الأمة العربية بدعاوى «الخلافة» المزعومة وإثارة الفوضى وليسهل دخول «قاسم سليماني» وحشده الشعبي المتطرف إلى كل المدن والقرى السنية في العراق وسوريا ولبنان واليمن؛ إبادة وانتقاماً واغتصاباً وتهجيراً. لقد اتخذ قرار إيقاف المد الفارسي بحزم وعلى إيران أن تعي هذا جيداً.