أقسم الله سبحانه بالوقت, والله لا يُقسم إلا بعظيم, قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ).
الوقت عبارة عن ثانية, والثانية دقائق, والدقائق ساعات, والساعات أيام، والأيام أشهر, والأشهر سنوات, والسنوات هي عمرك!.
يتذمر كثيرُ من الناس بأن أوقاتهم تمر كمرّ السحاب, سيما في أوقات الإجازات والعطلات, وفي الحقيقة أن كثيراً منهم لا يُدرك قيمة تلك اللحظات المُهدرة والثواني المُبددة, لو أخذنا على سبيل المثال الإجازة الصيفية التي تبلغ 3 أشهر, في حقيقتها هي تحتوي على:
90 يوماً
2160 ساعة
129600 دقيقة!
فمن أراد أن يعرف قيمة وقته فليحسب عدد الدقائق التي يود تمضيتها لا عدد الأيام, بل إن بعضهم بالكاد يتذكر اليوم الذي هو فيه!, فلا يصح ولا يُعقل أن تكون الإجازة مُقتصرة على اللعب واللهو, أين استثمار الذات؟ أين لحظات التأمل والاسترخاء التي تفصل الإنسان عن واقعه ليتصل بملكوت الله سبحانه ويستمد طاقة الجمال والاتزان من جمال المخلوقات والطبيعة؟
قال تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}، فالوقت ماضٍ لا مرد له, والإنسان هو المسؤول عن تقسيم يومه. يقول أحدهم في مشاركته لإذاعة القرآن الكريم: حفظت كتاب الله بفضل الله ثم بفضل إذاعة القرآن, وذلك من خلال المشاوير التي أقضيها خارج المنزل والساعات الطوال في العشر السنوات الماضية, فلله درّه. هل بإمكانكم التصور أن المشاوير التي تقضونها غدواً ورواحاً من وإلى المنزل تأخذ من عمركم في سنة ما يعادل 88 ساعة وتزيد!
إليكم هذه الحسبة البسيطة:
لو قلنا مثلاً أنكم تقضون 10 دقائق في طريقكم من البيت وإلى العمل، وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنكم تقضون 20 دقيقة يومياً متنقلين بين البيت ومقر العمل أو الدراسة، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً
100 دقيقة أسبوعياً × 52 أسبوعاً = 5200 دقيقة = 88 ساعة تقريباً!!
لو قمتم باستغلال هذه العشر الدقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدتم من 88 ساعة سنوياً.
نصائح لاستثمار الوقت:
- اجعل في سيارتك بعض المحاضرات والمواد السمعية الهادفة.
- خصص على الأقل في كل يوم 10-30 دقيقة لتطوير ذاتك, إما بمشاهدة برامج على اليوتيوب أو بقراءة أحد الكتب والحكم حتى وإن كانت في وسائل التواصل الاجتماعي.
- اجعل لأسبوعك جمعة مع أشخاص مُلهمين وأناس إيجابيين لتكون زادك وإمداداً لطاقتك العلمية والروحية.
- اقرأ ما تيسر من كتاب الله وإن كان وجهاً واحداً كُل يوم.
«إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها».
ابن قيم الجوزية.