ميسون أبو بكر
في صخب وسائل التواصل الاجتماعي، والتنكر وراء أسماء وحسابات مزوّرة، يحضرني السؤال الذي لا يبتعد كثيراً عن مقال د. زياد الدريس الذي نشره يشرح فيه تجربته مع الجمعية السعودية للمحافظة على التراث حين تفاعل مع متابعي الحساب بانتحال شخصية أخرى. هل نحن كما نحن على وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل يتطابق الواقع مع ما ندعي أحياناً؟
وهل يستطيع البعض منا أن يستمر في وضع مساحيق التمثيل والأقنعة طويلاً؟
في بعض الأحيان يلزم القليل من المجاملة والقليل من الصمت تجاه بعض المواقف، لكن لن يقدر أصحاب الهمم ومن لا تأخذهم في الحق لومة لائم أن يسكتوا طويلاً دون أن يتدخلوا أو يقولوا كلمة حق.
في البدء لم يكن التواصل كثيفاً وآنياً مثل الآن ومثل ما أتاحته وسائل التقنية وقنوات التواصل، لكن التفاعل المباشر مع الحدث يضعك أمام ردود فعل الآخرين الحقيقية، ويجعل ردة فعلهم تجاه المواقف سريعة وتلقائية تعطي صورة حيَّة عن صاحبها، لذلك أزمع أنه ما يلبث البعض الا ويسقطون عند أول معركة كلامية أو حوار سرعان ما ينتهي عند أول الطريق.
أنا أؤمن أن الصدق والعفوية هي سبيل المرء لقلوب الآخرين، وأن هذا العصر ليس عصر الأسماء المستعارة والوجوه المقنعة والآراء المواربة وكذلك ليس مسرحاً لإثارة الفتن، وبث السموم وتفرقة البشر، واختراع البطولات على حساب أمن المجتمع، وهذا يحدث مع من يصطاد في الماء العكر.
وإن تحدثنا عن الإعلام والإعلامي كشخص مؤثّر في المجتمع (ولعلي هنا أجيب على الزميل أحمد عائل فقيهي الذي ورد في عموده في عكاظ؛ من هي أكثر الفئات تأثيراً في المجتمع)، فالصدق والشفافية في الكتابة هي مسؤولية الإعلامي الحقيقي، والبعد عن الغلو، والخوض في النقد السلبي والجدل وفاء للقضايا المجتمعية التي تستحق منه التوقف عندها، على عكس ما يحدث اليوم وما استسهله البعض من سعة الفضاء الإلكتروني وعدم وجود رقيب عليه.
«ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع» وهذا حال من يجعلون من هدوء الأمة وأمنها سبيلاً لشهرتهم وما هم إلا فقاعات هواء فارغة سرعان ما تتلاشى.
قل لي ماذا تكتب؟ كيف تفكر؟ ماذا تعتنق من قضايا: أقل لك من أنت..
وما تتحدث به أو تكتبه فهو ما تكون عليه ومن يمكنه أن يقول لك من أنت.