ميسون أبو بكر
اقتنصت كتابة هذا المقال وأنا أشاهد النوارس وهي تداعب أمواج الخليج ثم تطير أسرابا وتعود من جديد إلى أعشاشها في الماء وكأنها زهر اللوز يتناثر فوق صفحة الموج الذي يترقرق بعذوبة وخفة.
كان المنظر يطل من نافذتي في مقر إقامتي في الشارقة أثناء حضور منتدى الاتصال الحكومي الذي يعد فريدا من نوعه من حيث العنوان والحضور وعمق المواضيع التي يطرحها مواكبة لتغيرات العصر ومستجداته وقضاياه.
وسأتحدث هنا عما استوقفني في الفعالية التي افتتحها حاكم الشارقة سمو الشيخ د. سلطان القاسمي وقد تحدث في سياق كلمته في الجلسة الافتتاحية عن برنامج «الخط المباشر» ومتابعته له، وساقه كمثال ناجح في التواصل الحكومي، حيث سلبه هذا البرنامج وقت قيلولته لأنه يحرص على التواصل مع المواطنين وإرشاد المسؤولين في حكومته لتقديم الحلول الممكنة، وهذا يؤكد أهمية الإعلام الحقيقي الهادف في إيصال الرأي للمسؤول وخدمة المواطن والمجتمع.
وسائل التواصل الاجتماعي وما يثار فيها من إشاعات وتحريض للنفوس وإثارة الفوضى والفساد كان المحور الأهم في الملتقى وفي الجلسة التي تألقت فيها الإعلامية السعودية منى أبو سليمان والتي كان ردها صريحا حين سألتها مديرة الجلسة الإعلامية المتمكنة ريما مكتبي حول إن كانت تؤيد أن يكون هناك رقابة ما على وسائل التواصل أو تنظيم يُحد من خطر الشائعات والأكاذيب والسيطرة على الشباب من قبل تنظيم داعش؛ فكان ردها حاسما بالإيجاب حيث خالفها شركاؤها في الجلسة.
لن تغيب من ذاكرتي فخامة السيدة الحائزة على جائزة نوبل حاكمة ليبيريا والتي تحدثت للحاضرين عن تجربتها مع حكومتها وشعبها وكل ما تيسر لها من إمكانات في مكافحة الأيبولا المرض القاتل، وتعابير وجهها وصوتها وحروفها تجعلك متسمرا أمام الحكاية الصعبة لمكافحة هذا المرض الذي حصد أرواحا كثيرة في بلدها.
وكما في كل منتدى وهي سنّة كل عام تحظى الإعلاميات بدعوة خاصة من الشيخة جواهر القاسمي حرم حاكم الشارقة لتعرف المدعوات على مشاريعها وجهودها المبذولة (هي والنساء المميزات معها في مؤسسات الإمارة) لأجل المرأة والأسرة ومجتمعها الصغير والكبير، حيث المساعدات التعليمية والعينية التي تقدمها لأطفال سوريا والمخيمات السورية في الأردن?
كان جديد هذا العام المراكز التي أقيمت لليافعين لقضاء وقتهم ورعاية مواهبهم، هي مراكز للفن والموسيقى والشعر ليقضي فيها الشباب أوقاتهم بعيدا عن خطر التقنية.
الأخضر الإبراهيمي كان المحاور الوحيد مع الإعلامية البارزة راغدة درغام وأدهشت تصريحاته العروبية الحاضرين الذين كانوا حملوا في ذاكرتهم فشله في مفاوضات سوريا ملفه الرئيس.
أمضيت يومين مع الحاضرين كان من أكثرهم قربا الإعلامية البريطانية Heidi Kingstone والأمريكية Frida Ghiris , وكان محور حديثنا عن الملك عبدالله رحمه الله وسبب اهتمام العالم به والعهد السلماني الجديد وما ينتظر البلاد من إنجازات، وعن الموعد الأسبوعي للملك سلمان مع زواره من الشعب حين كان أميرا للرياض وهذا أبرز أشكال التواصل الحكومي التي حققها الملك إبان إمارته منذ عهد بعيد، كما تحدثنا كثيرا عن المرأة السعودية وما لصق في أذهان الإعلام الغربي من أكاذيب لفقت لتسيء للمملكة، وكان أمل وحلم رفيقتي زيارة المملكة ورؤية الحياة فيها عن كثب للكتابة عن تجارب شخصية وليس عما هو منثورا هنا وهناك.
مدير مركز الشارقة الإعلامي الأستاذ أسامة سمرة كان دائم التنقل بين الحضور يتأكد هو وفريقه من الشباب والشابات على أن الأمور تسير بخير ونجاح.
الحياة محطات والشارقة محطة مهمة من محطات العمر فيها من التجارب والإنجازات ما يجعلنا نملأ حقائبنا بكل ما نلتقيه.
فسلاما لعاصمة الثقافة وريثة المجد.