ميسون أبو بكر
كان صوت الأذان يصدح من مسجد قباء الذي كنّا على مقربة منه نطل من حاضرنا على نافذة تراثنا النبوي وصوت هذه المدينة الآمنة التي تريح قلوب زوارها وساكنيها.
المدينة المنورة بدعوة من إمارتها وأميرها المثقف المتابع لكتّاب الرأي، المهتم بهذه الفئة التي تعتبر أوردة الحبر والكتابة في المملكة، والواجهة الإعلامية التي تجس نبض المجتمع، وهي حال لسانه، تتنوّع كتاباتهم ما بين المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي والرياضي والاقتصادي، فهم عصارة فكر التجربة، والشاهد على الحدث، المعبرين عن فكرهم وحاجات المجتمع وأفراده، الأقنية التي تصل المجتمع بالمسؤول، وتنقل المشهد ما استطاعت إليه سبيلا.
كانت الزيارة لمدينة المصطفى حافلة بنشاطات متعدّدة ابتدأت بافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير المدينة المنورة قرب مسجد قباء لمنتوجات «صنع المدينة».
«صنع المدينة» في طيبة الطيبة ولأجل إنسانها وضيفها. هي مبادرة رائدة من إمارة منطقة المدينة المنورة وقد تم تكلفة «نماء المنورة» بتفعيلها وإدارتها، وهو مشروع حيوي يهدف إلى تشجيع الصناعات المدينية ذات الجودة المعتمدة وتطوير قيمتها المضافة عبر توعية المستهلك بمزيتها وأصالتها وحمايته من المنتجات التي لا تعكس أصالة وبركة المدينة المنورة.
كما دُعينا في اليوم التالي لافتتاح صاحب السمو فيصل بن سلمان لحفل الحي التراثي وملتقى حرفتي الذي نظّمته الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية بالمدينة والذي يهدف لاحتضان ورعاية الحرفيات ورائدات العمل والأسر المنتجة.
وإن عبر هذا فإنما يدل على الاهتمام بالحرف اليدوية التي هي جزء لا يتجزأ من الموروث الحضاري والتاريخي الذي لا عجب أن يوليه أمير المدينة ابن ملك البلاد الذي لطالما ارتبط التاريخ به أميراً وملكاً وكان به الباع الطويل في الحفاظ على تراث البلاد وإحياء تاريخها الكبير العظيم.
كما كان من ثمرات هذه الرحلة التقاؤنا بهيئة تطوير المدينة للاطلاع على أهم المشاريع التطويرية ولطرح أسئلتنا وما حملنا من أسئلة المواطنين وسكّان الحرم من استفسارات حول مشروع التوسعة ومشاريع أخرى.
شد الرحال إلى المدينة المنورة كان نافذة أطلت بنا على إنجازات المدينة المنورة وعلى تاريخها الذي تتجلّى في كل ركن فيها وفيما ورثه أبناؤها من أجدادهم ومن مجدها العريق، كما في جهود أميرها الشاب الذي يسير على خطى أبيه في استحضار التاريخ وإحياء التراث.
صنع المدينة هو المشروع الذي ينهض باقتصاد المنطقة وينعش الأسر المنتجة ليكون دعامة لقوتها ودخلها، وما كان أحلاها من رحلة وإن قصرت أيامها كنا فيها في رحاب الديار المقدسة ومع أساتذة وزملاء أعزاء التقينا بعضهم والبعض الآخر صافحنا حرفه قبل لقائه.