عمر إبراهيم الرشيد
يعلم الجميع ما تعانيه منطقة حائل وأهلها من وضع الخدمات الصحية لسنين طويلة واضطرار الكثيرين منهم للسفر طلباً للعلاج خارج منطقتهم، بل وإلى الأردن في أحيان كثيرة. والقصص والحوادث الطبية ونقص الإمكانات ما تزال شواهد على قدر المعاناة التي تواجهها حائل وسكانها. إلا أن إنسانية الطبيب السعودي ووفاءه لوطنه ومجتمعه ترفض مثل هذا الوضع،
... وما مبادرة الدكتور عبد العزيز السيف وإخوانه أطباء المنطقة بفتح عيادات تطوعية للمرضى الذين لا تسعفهم ظروفهم للسفر خارج المنطقة للعلاج أو من هم بحاجة ملحة وعاجلة لمعونة طبية، إلا أقرب الشواهد على تلك الروح. ولا أكتب عن هذه المبادرة بوصفها عملاً مستغرباً أو طارئاً على مفاهيم البر والتعاون التي تزخر بها نفوس هؤلاء الأطباء ومن عاونهم من إدارة مستشفى الملك خالد والغرفة التجارية بحائل، التي حث عليها الإسلام العظيم والقيم الإنسانية النبيلة، ولكن من باب الشد على أيادي هؤلاء والشكر لهم، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وتعزيزاً لعمل الخير وإشاعة لروح التفاؤل وإعلاء للعمل التطوعي أيا كان، ما دام يقدم بلسماً لموجوع وعوناً لملهوف وسنداً لعاثر. إن الحكومات عبر العالم كله لا تستطيع خدمة الناس جميعهم وفي كل ما يحتاجونه مهما كانت إمكاناتها إلا في حالات نادرة، إذ إنه كلما كان مجتمعاً ما متعافياً من الناحية الاجتماعية والتعليمية والصحية ونشطت جمعيات النفع العام فيه ومؤسسات المجتمع المدني كان ذلك من دعائم قوة ذلك المجتمع وتلك الدولة، لأن تلك القطاعات الأهلية تساند حكومتها وتكون عوناً لها في أداء مهامها وخدماتها على اختلافها، فيكون التقدم والرخاء ويحصل التفرغ للابتكار والبحوث والصناعات، والعكس بالعكس فعندما يلهث مجتمع وراء أساسيات العيش فإن الإنتاجية تتراجع ويقل الابتكار وتخبو روح المبادرة. صدق رسول الهدى عليه الصلاة والسلام إذ قال (خير الناس أنفعهم للناس). وما أجمل بيت الحطيئة حين شذ عن شعره الهجائي فقال:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
وقفة أخرى:
برغم ماشاب معرض الكتاب بالرياض من بعض التفاصيل القاتمة إلا أنه يظل حدثاً مشبعاً بروح الجمال العاشقة للحكمة والمعرفة، وعقد أواصر ألفة مع أخوة عرب وأجانب ناشرين وأصحاب مكتبات، وتبادل الأفكار والرؤى معهم. هذا إلى جانب حجم المشاركة التي يحرص عليها الناشرون العرب نظير إقبال السعوديين والمقيمين الهائل وحجم المبيعات الكبير بشهادة هؤلاء الناشرين وهو الأكبر في الشرق الأوسط. ألا يعد هذا مكسباً حضارياً وفخراً لنا ومناسبة لتأكيد مكانة الكتاب برغم طوفان التقنية ووسائطها لدينا. فلم التركيز على السلبيات والنظر إلى النصف الفارغ من الكأس؟!، ثم من المستفيد من خلافات هنا أو هناك بين أروقة المعرض، أليس من يريد بهذا الوطن الشر؟. أنا لا أتحدث عن طرف معين ولست في مقام إصدار أحكام على أحد فالحق ناصع بين من أراد التقصي، إنما لا نجعل للأعداء مدخلاً علينا، وليس هناك من بشر كامل منزه عن الخطأ ولا نشاط وجهد بشري تام والنقص من طبيعة البشر وما يعملون، والله من وراء القصد.