عمر إبراهيم الرشيد
تناولت في مقالي الفائت شئون الأمن وشجونه ومرافقه. حديث ليس بالجديد قطعاً على أفهام القراء الكرام ولا على خواطرهم، إنما هو القديم الجديد وعماد استقرار المجتمعات البشرية.
لكن ما حرك دافع الكتابة عنه كما قلت هو تشكيل مجلس الشئون السياسية والأمنية، ما بعث مزيد الآمال بالنقلة النوعية لهذا القطاع الحساس والمؤثر مباشرة على المجتمع. ولعلي هنا أضيف على ما ذكرت سابقاً بأن الأمل ازداد بأن تكون
المقرات الأمنية المنتظر تدشينها صروحاً تمثل المرحلة استقراراً وتطوراً نوعياً، وتشكل أيقونات متميزة تصميماً وطرازاً وفعالية مهنية، كما يشهده هذا القطاع منذ سنوات في حفظ الأمن والضرب على أيدي العابثين، فلا تكون أبنية خرسانية صماء. وبذلك تبعث على الإحساس بالهوية وهيبة النظام الذي تسهر على حراسته وتطبيقه. وأعيد لأذكر بما ينفع المؤمنين، بالأهمية المتعاظمة على مدى السنين الخوالي وما تزال في الحاجة لزيادة مقرات الشرطة في أحياء مدننا وبلداتنا، وليس بالضرورة أن تكون جميعها مقرات كبيرة، فيكفي وجود وحدات أمنية صغيرة تساند تلك الكبيرة وتخفف ضغط العمل الأمني عنها.
ولتعزيز المنظومة الأمنية والاجتماعية كذلك، إذ هما مترابطان، يحدونا الأمل في هذا المجلس الفتي إعادة تنظيم وظيفة عمدة الحي وإحياؤها لتكون لمن هي لهم واقعاً ملموساً، لا مجرد وظيفة يتواجد صاحبها في قسم الشرطة لإعطاء ختم التعريف، في غياب لدوره الاجتماعي المنتظر والمساند للمنظومة الأمنية كذلك. فالأمن ليس ردعاً وعقاباً فقط، بل قبل ذلك وقاية وصحة اجتماعية ووعي وسلوك، وحي يشعر ساكنوه بالأمان النفسي والاجتماعي وروح التآلف والتضامن. ومن بين ما يحيي ويعزز هذا الأمر تفعيل دور العمدة ولعله أولها، في مقر وسط الحي يشعر بأهل الحي ويشعرون به، عمدة مؤهل تعليماً وفكراً ومهنية، وبعد اجتياز دورات في علم الاجتماع والنفس ومهارات الحياة والأمن. على أن يكون مقره مركزاً ومنتدى اجتماعياً لأهالي الحي، تقام فيه أنشطة اجتماعية وثقافية وترفيهية لجميع أفراد الأسرة، حتى تعود للأحياء روحها الاجتماعية بدل وضعها الحالي كقطع خرسانة صماء متراكمة بلا إحساس بالألفة والتضامن.
وضمن منظومة الوقاية الأمنية والاجتماعية أساساً للأمن الاجتماعي والوطني، فالأمل معقود بالله ثم بالمجلس الموقر بدراسة وضع آلاف الدكاكين والمحلات التجارية التي تطوق الأحياء من جهاتها الأربع، مشكلة حزاماً خانقاً، ومسببة لتلوثاً بيئياً وبصرياً شوه أحياء مدننا وجعلنا في نظر أنفسنا والعالم أننا شعب لاهم له إلا الاستهلاك. عدا عن تأثيرها الأمني والاجتماعي، والهدر الاقتصادي، إذ إن من يشغلها فعلياً أجانب لا تحتاج البلد إلا إلى ربع عددهم الحالي. والبديل الأمثل هو الجمعيات التعاونية كما هو الحال في دول مجاورة، فتكون من أهالي الحي ولهم، تدار وتشغل بسواعد إبنائهم، فتعم الفائدة الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم الأمنية. أعلم أني لم آت بجديد إنما هذه أمور لا تبرح اهتمام أي مجتمع على مر العصور، ومن حسن الطالع أن عراب الأمن الداخلي الأمير محمد بن نايف هو من يرأس مجلس الشئون السياسية والأمنية، وهو بحسه الإداري من يستمع لكل اقتراح أو شكوى بروحه القيادية. حفظ الله أمن هذا المجتمع والوطن وفرَّج كرب إخواننا في بلاد المسلمين، والله المستعان.