عمر إبراهيم الرشيد
أمن المجتمع أساس استقراره وبنائه، ولعلنا أدركنا قيمة هذه الحقيقة مؤخراً أو تنبهنا إليها حين شهدنا أحوال مجتمعات عربية مجاورة لم تستعد إلى الآن حياتها الطبيعية وتستأنف تنميتها وبناءها بسبب العامل الأمني. نسأل الله القدير لهم عاجل الفرج وانكشاف تلك النوازل التي حلت بهم والسعيد من وعظ بغيره. جاء تأسيس مجلس للشؤون السياسية والأمنية ومعه آمال كبيرة لدى مختلف فئات المجتمع لدعم وتطوير
وتحسين القطاع الأمني، خصوصاً أن من يرأسه عراب ورأس القطاع الأمني الداخلي، متسلحا بخبرة سنوات عديدة في محاربة المخربين ومن حاولوا النيل من المجتمع والوطن. وبطبيعة الحال فالمواطن والمقيم أيضاً شريك للحكومة في الحفاظ على هذه النعمة ومكافحة كل ما ينال من أمن البلد والناس، لذا فكل تطور لهذا القطاع بأفراده وقواته وإمكاناته يشعره بالأمان والفخر كذلك. واستشعاراً لهذه المسؤولية والأمانة فإن كل مواطن يدرك معاني المواطنة فكراً وسلوكاً، يعلق آمالاً كبيرة على هذا المجلس التكنوقراط، فيما يخص مقار الشرطة في الأحياء، وزيادة انتشار الدوريات، والاستفادة من (المجاهدين) وهي المجاميع الأمنية التي شكلت في بدايات تأسيس القوات الأمنية على عهد الملك المؤسس رحمه الله، إضافة إلى شرطة المرور.
سأحاول تناول هذه القطاعات وباختصار ولن آتي بجديد فهذه مجتمعة تمس حياة الناس مباشرة وفي أي مجتمع، إنما جاء تأسيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية كتحول إداري كبير سوف يعيد بإذن الله، وهذا عشم المجتمع وأمله، ترتيب هذا القطاع ويطور من أدائه ومرافقه وكوادره البشرية. ولنأخذ مدينة الرياض كمثال، وهي رابع أسرع مدن العالم نمواً، أو هي مدن في مدينة، فهي بحاجة إلى زيادة مراكز الشرطة من جهة، ومن جهة أخرى لعل هذه الزيادة تكون بإنشاء وحدات أمنية أصغر لتكون داخل الأحياء، تخفف الضغط عن تلك المراكز الأمنية الكبيرة وتزيد الحضور الأمني، مما يزيد معه الشعور بالأمن المتزايد بفعل هذا التطوير والفعالية. ولعل بشائر هذا التطوير المأمول قادمة في المقرات الأمنية المزمع تدشينها قريباً لتكون فنارات أمان وشواهد حضارية للوطن والمجتمع، بناءً ومظهراً وعيناً ساهرة، وما الإنجازات الأمنية والضرب بيد من حديد على رؤوس العابثين إلا أحد فضائل هذا القطاع ومنسوبيه.
أما زيادة انتشار الدوريات فهناك أمل، بإعادة نشر الدوريات الراجلة في الأحياء أو على حدودها، ولعل الحاق أفراد (المجاهدين) بدورات تأهيل وتدريب ليكونوا مع زملائهم أفراد الدوريات الأمنية قوة موازية وراجلة، وتعزيزاً للأمن وإضافة نوعية وتحولاً في العمل الأمني الوطني. أما قطاع المرور فالآمال معقودة على المجلس الفتي بتطوير عمل قطاع المرور وآليات عمله. فأول ما يلاحظ على القطاع هو ضعف التواجد الميداني لرجال المرور داخل المدن، وان كان نظام ساهر قد ساهم في الحد من نسبة الحوادث والمخالفات إلى حد ما. إنما هناك انتقاد لآلية عمل نظام ساهر وهذا طبيعي فلكل جهد بشري نقص والكمال لصاحب الكمال، وهكذا نظام آلي لا يمكن أن يكون بديلاً لرجل المرور الواعي والمؤهل تأهيلاً مهنياً عالياً للتعامل مع الاختناقات المرورية في الميادين والطرق، واعتماد استخدام الدراجات بشكل أكبر بدل سيارات المرور لمرونة التحرك. علما بأن هذا القطاع قد طور من تعاملاته وجعلها الكترونية وأجاد وهذه شهادة حق لا يمن بها أحد على منسوبي المرور، إلا ان العشم بهذا القطاع في زيادة تعداد افراده ووجودهم الميداني، مع تطوير آليات معالجة الحوادث المرورية وسرعتها لفك الاختناقات المرورية التي تنتج عنها ومنح رجال المرور الميدانيين صلاحيات مع تأهيل متقدم لمعالجة الطوارئ المرورية.
مقرات أمنية موزعة توزيعاً عادلاً على الأحياء الرئيسة في مدن المملكة وفي مباني مصممة على نسق حضاري وأمني ستكون مفرحة لكل محب لهذا البلد الطيب. ودوريات راجلة كذلك ستكون عوناً لهذا القطاع لحماية المكتسبات والمجتمع وإضافة عظيمة وحضارية. أما شرطة المرور فلها من الانجازات وعليها من الحمل ما يثقل الجبال، ومن الحيف إلقاء المسؤولية على هذا القطاع فيما يخص الاختناقات المرورية والحوادث دون غيره من القطاعات، إنما بالتأكيد فإن هذا القطاع بأمس الحاجة إلى الشد على أيدي منسوبيه بتطوير آليات عمله وقدراتهم، وللحديث بقية والله من وراء القصد.