سعد بن عبدالقادر القويعي
يخطئ مـن يتصور أن قراءة تصريح - نائب قائد القوة البرية في الجيش الإيراني - كيومرث حيدري، عندما أعلن - قبل أيام -، أنه: «لن تكون هناك مواجهة محتملة لإيران مع تنظيم داعش، وليست هناك تهديدات من قبل التنظيم، وأن مهمة قوات الجيش المنتشرة على طول الحدود الغربية لإيران قد انتهت»، فداعش لم تكن سوى صنيعة استخباراتية - غربية إيرانية -، هدفها إنهاء ما تبقى من هياكل الدول العربية، وصناعة الخرائط في المنطقة، - إضافة - إلى تمزيق سبل التعايش بين أطياف المجتمعات، وذلك عبر تكريس حالات الاستقطاب المذهبي.
السياسة الإيرانية، والدين المذهبي، وجهان لعملة واحدة. وعندما تشير التقارير الاستخباراتية، أن عناصر تنظيم داعش، من الذين يتلبسون بالإسلام، ويستخدمونه كحصان طروادة، قد تم تدريبهم على أيدي الحرس الجمهوري الإيراني؛ من أجل تسخيرهم لمصالحها، فهذا مؤشر واضح على أن الداعم الأساس لتنظيم داعش، وغيره من التنظيمات الإرهابية، هي إيران. بل إن تقريرا نُشر لصحفية «ديلي تلغراف» البريطانية، أكد معده، بأن جلّ قادة داعش كانوا في سجون النظام السوري، وقد أطلق سراحهم مع بداية الثورة، في إطار صفقة راعتها المخابرات الإيرانية، تنصّ على أن يبذل هؤلاء قصارى جهدهم في إفشال الثورة السورية، مقابل فك أغلال الحبس عنهم. وقد اتضح أن العلاقات السرية بين هذا التنظيم، والنظام السوري، بقيت سالكة في جميع القنوات التحتية إلى حد تبادل المنافع التجارية، بتسريب النفط من الحقول التي يحتلها داعش، وتصريفه بواسطة وكلاء محسوبين على النظام، وتقاسم الإيرادات.
وهذا لا يتنافى مع ما نشره موقع «ذي إنترسيبت» من تسريبات عن سنودن، تؤكد تعاون أجهزة مخابرات ثلاث دول، هي الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والكيان الصهيوني؛ لخلق تنظيم إرهابي، قادر على استقطاب المتطرفين من جميع انحاء العالم في مكان واحد، وفي عملية يرمز لها بـ»عش الدبابير». وأظهرت وثائق مسربة من وكالة الأمن القومي، أن الأخيرة قامت بتنفيذ خطة بريطانية قديمة، تُعرف بـ»عش الدبابير»؛ لحماية الكيان الصهيوني، تقضي بإنشاء دين شعاراته إسلامية، يتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة، التي ترفض أي فكر آخر، أو منافس له.
أيضا، وفي الوقت الذي يتخوّف فيه البعض من تهديدات إرهابية، قد تخلّ بالأمن في إيران، يركز المسؤولون الإيرانيون على الحدود الشرقية للبلاد مع باكستان، على الرغم من وجود تهديد تنظيم داعش من الغرب - حسب المنطق -، إلا أن حقيقة هذا التنظيم، ماهو إلا أداة لتنفيذ أهداف سياسية، ودولية، وإقليمية، تحاك ضد المنطقة العربية؛ لإعادة تشكيلها.
خلاصة القول: لم يعد ينطلي تنظيم داعش على أحد، وإنما أعطي هذه الهالة الإعلامية؛ لتحقيق أهداف سياسية. ويرى مراقبون، أن وجود تنظيم داعش، قد عزز النفوذ الإيراني في العراق، - خصوصا - في المجالين - العسكري والأمني -، بعد أن كان يقتصر على النفوذ السياسي، والثقافي، والاقتصادي - منذ سقوط النظام العراقي السابق 2003م -. فكان من الطبيعي، أن تُنشأ تنظيمات متطرفة، تواجه الثورات التي قامت ضد أنظمة حكم - استبدادية ديكتاتورية ظالمة -، رهنت مصالح دولها بمصالح دول أخرى؛ وليخدم في المقام الأول الأهداف الإيرانية في المنطقة، والتي تمثلت على سبيل المثال: عرقلة ثورة العشائر، والبقاء على نظام الحكم في العراق كما هو؛ وليظل العراق رهينة المخططات، والمصالح، والنفوذ الإيراني؛ وليوقف - كذلك - تقدم الجيش الحر ضد نظام الأسد، ويعرقل نجاحات الثورة السورية، ويشتت جهود المعارضة السورية.