سعد بن عبدالقادر القويعي
الأفكار الرئيسة التي طرحها وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل - خلال المؤتمر الصحافي - الذي جمعه مع نظيره الأمريكي «جون كيري»، لم تنقصها الصراحة، والثقة، والضمانات الأكيدة، هذا بشكل عام من حيث المبدأ؛ وبالنظر إلى ثقل السعودية في رسم السياسة الإقليمية. فإحكام السيطرة الإيرانية على مقدرات العراق، والانطلاق نحو مرحلة أبعد؛ من أجل تحقيق الغاية الاستراتيجية الكبرى، وهي الهيمنة على منطقة الخليج - بأسرها - ، يمكن أن نفهم تحليلاته من كلام الأمير سعود، حين قال: « عبرنا لكيري عن قلقنا من تدخل إيران في سوريا، ولبنان، واليمن، والعراق «، موضحا: « أن إيران تستولي على العراق، ومشجعة للإرهاب»، وأن: « أمن الخليج يبدأ بالحيلولة دون حصول إيران على النووي».
تريد إيران المراهنة بأنها تمتلك أوراق ضغط كثيرة في منطقة الخليج العربي، وأنه من الممكن استخدامها في أي وقت؛ لبناء دور إقليمي للدولة الفارسية.
ولحتمية تجاوز إيران على مصالح العرب، وذلك بفرض مصالحها كاملة، فإنها تعتبر العراق بوابة عبورها نحو دول الخليج العربي، والتي تعتقد أن بإمكانها ابتزازها، - وبالتالي - فإنها ستكون قادرة على إسقاط أنظمتها، وذلك من خلال استراتيجيتها القائمة على الاكتفاء - في مراحلها العبثية الأولى - بأدنى النجاحات، ومن ثم الانتقال إلى استثمار تراكم النتائج، والمدعومة بالمزايا - المادية والمعنوية - التي تقدمها.
إن الحديث عن المشروع الإيراني في العراق، حديث متعدد الأبعاد، باعتبار أن إيران نجحت في خلق امتداد لها داخل العمق العراقي، والاقتراب من بحيرات نفطها، وإضافة الخزينة النفطية العراقية إلى الخزينة النفطية الإيرانية؛ ولأن هكذا سياسات عدوانية تمثل انتهاكا صارخا للمبدأ الأساس، وهو مبدأ نهاية الحدود السياسية الدولية، واستقرارها، واستمراريتها، فإنَّ الخطر القادم قد يتمثل بشأن إعادة تقسيم العراق على أساس طائفي، وهذا أمر قد اتضحت معالمه، ودلالاته؛ ولحساب الوضع الإيراني.
إعلان الفيصل مقصود من الناحية التوقيتية، وعلى المجتمع الدولي إدراك المعاني الاستراتيجية فيما ورد في التصريح. وعليه فإنَّ الحديث عن دولة إيران، والتي تمتلك مشروعا توسعيا مهددا للأمن القومي العربي - بشكل عام - ، بعد أن دمرت الهوية الوطنية، والقومية للشعب العراقي - بشكل خاص - ، سيجعلنا أقرب إلى الحل الواقعي، عندما ندرك أن طبيعة الخلاف ذو بعد تاريخي، وديني، وطائفي في آن واحد؛ مما يستدعي الانتباه، والاهتمام، والحذر، والتعامل بقوة موازية؛ حتى تنتقل العلاقة معها من سياسة التهديد التي تمارسها على مختلف الأصعدة، إلى سياسة الردع، والتعايش السلمي، وإيجاد الوسائل، والأساليب، التي تحول دون تدخل إيران في الشؤون الداخلية للمحيط العربي.