د. أحمد الفراج
وسط كل هذا الجدل المحتدم بخصوص الاتفاق النووي، بين الغرب وطهران، يتابع المراقبون، المهتمون بالشرق الأوسط، تداعيات خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، في الكونجرس، فمن مما لا شك فيه أن الرئيس أوباما يرغب في إبرام هذا الاتفاق، إذ من دونه سيخرج من البيت الأبيض دون إنجازات تذكر، ويدخل التاريخ بسجل سيء، يشبه سجل أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي، الرئيس جيمس بوكانن (1857-1861)، وهو بالتأكيد لا يرغب بذلك!!، فهو يتهم بأنه أفقد الولايات المتحدة هيبتها، وساهم في تنمر روسيا، علاوة على أنه زعيم متردد، وضعيف، ولو لم يكن له من سيئة إلا تراجعه عن مواجهة نظام بشار الأسد عسكرياً لكفاه، ناهيك عن تهاونه بشأن حلفاء أمريكا التاريخيين في الشرق الأوسط، وفي الخليج خصوصاً، ويبدو أن قناعته بأن يكون سجله خالياً من أيّ تدخل عسكري قد جنى عليه كثيراً، فالعالم، وفي ظل الفوضى العارمة الحالية، يحتاج إلى قوة عظمى تعيد التوازنات، وتستطيع قيادة التحالفات وقت الضرورة.
لا أستبعد أن يردد بعض العرب أن كلمة نتنياهو في الكونجرس الأمريكي تمت بترتيب مع أوباما، بهدف الضغط على إيران!!، ومع أنه من الممكن ألا تكون إسرائيل على عداء مع إيران بالشكل الذي يتوقعه المراقبون، ويتداوله الإعلام، إلا أن كل الدلائل تشير إلى أنها تؤمن إيماناً عقدياً بأن امتلاك أي من دول الشرق الأوسط للسلاح النووي سيمثل تهديداً لها، فهي تعلم أن هذا السلاح، وفي ظل الظروف السياسية المتقلبة، وتغير الحكومات، قد يقع في يد من يناوئها في المستقبل، وبالتالي فإن موقفها من الاتفاق النووي حازم، وهذا هو السبب الرئيس، الذي جعل نتنياهو يغامر في علاقات إسرائيل التاريخية مع أمريكا، ويكسر كل البروتوكولات المتعارف عليها، في سبيل الضغط على أوباما وإدارته، عن طريق أعضاء الكونجرس الجمهوريين، وعن طريق ايباك، وغيرها من اللوبيات النشطة في الولايات المتحدة.
إيران تتعامل سياسياً من خلال «التقية»، وبالتالي لا قيمة لتصريحات مسؤوليها، وإدارة أوباما مصممة على المضي قدماً في عقد الاتفاق النووي، ووزير الخارجية جون كيري يجوب العالم لهذا السبب، ونحن أمام مشهد يستحق المتابعة، إذ من المتوقع أن يتدخل الجمهوريون في الكونجرس الأمريكي بقوة، وقد بدأت بوادر ذلك من خلال رفعهم لمسودة مشروع يجبر الرئيس على أخذ موافقة الكونجرس، قبل عقد أي اتفاق، أو معاهدة خارجية، وهو الأمر الذي سيكبل أوباما وإدارته، في حال إقراره، ويظل السؤال الجوهري: «هل سيتم توقيع الاتفاق النووي بين الغرب وإيران؟».. لا أحد يستطيع الجزم بجواب قاطع، إلا أن كل الدلائل تشير إلى أن ذلك سيكون صعباً للغاية، في ظل معارضة إسرائيل لذلك، فإسرائيل كانت، وستظل رقماً صعباً في معادلة السياسة الخارجية الأمريكية، وما علينا، والحالة هذه، إلا الترقب والانتظار.