د. أحمد الفراج
في سابقة غير معهودة في التاريخ السياسي لأمريكا، تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دعوة من عضو مجلس النواب الأمريكي، والمتحدث باسم المجلس، الجمهوري جون بوينير، وذلك ليلقي كلمة أمام الكونجرس الأمريكي بشقيه، مجلسي النواب والشيوخ، وسيُخصص نتنياهو هذه الكلمة لشرح موقفه الحازم ضد عقد اتفاق بين إدارة أوباما، وإيران، بخصوص الملف النووي، ويأمل أن يتمكن من إقناع أعضاء الكونجرس بذلك، وهو الأمر الذي قد يعيق الاتفاق، وبالتأكيد فإن الرئيس أوباما وإدارته غاضبون بشكل حاد، لا بسبب تدخل نتنياهو في ملف هام، يطمح أوباما أن يحقق من خلاله مجداً شخصياً، ولكن لأن المتحدث باسم الكونجرس لم يتشاور مع إدارة أوباما بشأن دعوة نتنياهو، وهو الأمر الذي اعتبره أوباما مخالفاً للبروتوكولات المعتادة.
هذا التوتر غير المسبوق بين إدارة أوباما ونتنياهو يُعتبر حلقة في سلسلة طويلة من العلاقات المتوترة، وغير الودية بين أوباما ونتنياهو، ولكن هذا التوتر لم يصل يوماً إلى هذا المستوى المتدني، وهو الأمر الذي عبَّرت عنه مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، وقالت: "إن هذا السلوك من قِبل نتنياهو غير مقبول، بل ومدمر للعلاقات الاستثنائية التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل!!"، والغريب أن هذا يحدث، في الوقت الذي يُعتبر أوباما واحداً من أكثر الرؤساء الأمريكيين خنوعاً لإسرائيل، وأكثر من تحمّل إساءات زعمائها، منذ أن تولى سدة الرئاسة، ولكنه، أيضاً، يعلم أن سجله لا يُعتبر نظيفاً، بالنسبة للإسرائيليين، ما لم تكن خدمة إسرائيل مقدمة لديه على خدمة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي تحدث عنه كبار المفكرين الأمريكيين، ومنهم الكاتب الشهير، باتريك بوكانن، والذي قالها صراحة، وعندما هرم، ولم يعد لديه ما يخسره: "مبنى الكونجرس عبارة عن مستعمرة إسرائيلية !!".
إدارة أوباما لم تكتف بشجب زيارة نتنياهو، بل إن أوباما أعلن أنه لن يلتقي به، وذلك بحجة أنه لا يقابل رؤساء الدول قبيل الانتخابات في بلدانهم، إذ إن الانتخابات الإسرائيلية ستكون بعد أسابيع!!، كما أعلن نائب الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، والذي يُفترض أن يحضر خطاب نتنياهو في الكونجرس، بحكم أنه - قانونياً - رئيس مجلس الشيوخ، أعلن بأنه سيكون في رحلة خارجية، خلال إلقاء نتنياهو للخطاب!!، وكذلك أكد وزير الخارجية، جون كيري، بأنه، أيضاً، سيكون في سويسرا، في لقاء مع الإيرانيين، حول الملف النووي!!، وبالتالي لن يتمكن من حضور خطاب نتنياهو، ومما زاد من غضب إدارة أوباما أن نتنياهو رفض طلباً رسمياً من بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين لمقابلته أثناء الزيارة!!، وهو ما عبَّر عنه بمرارة، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي، ريتشارد دربن!!، واختم بالقول: "من يصدق أن نتنياهو يقف، اليوم، موقفاً أفضل من موقف أوباما، بخصوص الملف النووي الإيراني، مع أن العرب والمسلمين، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، هللوا، وصفقوا، واحتفلوا كثيراً بانتخاب باراك حسين أوباما لرئاسة الولايات المتحدة؟!!، لاعتقادهم بأنه سيكون المعاون الأكبر في حلحلة، وحل القضايا السياسية الشائكة في هذه المنطقة الملتهبة؟!!"، ولكنها الحقيقة التي يجب أن يصدقها الجميع!!.