الدمام - عبير الزهراني:
أكد مختصون في التسويق الإلكتروني ان السوق السعودية تشهد شغفا كبيرا بالتجارة الإلكترونية مما احدث نموا كبير في حجمها تجاوز سقف الـ10 مليارات ريال واكدوا لـ«الجزيرة» ان المملكة باتت من أكبر الأسواق نمواً في فيما يتعلق بهذه التجارة.
وقال المستشار التقني أحمد بايوني: يعود السبب الرئيس في الانتعاش إلى شغف المستخدمين بالتجارة الإلكترونية، وإلى الأيدي العاملة والحرفية والمواهب المتواجدة داخل المملكة من الذكور والإناث، إضافة إلى توجه المملكة ووزارة التجارة والصناعة إلى تبني مفهوم المتاجر الإلكترونية، وهو الأمر الذي إذا طبق ضمن خطط مدروسة فسيجعل المملكة تتجاوز نظائرها عالميا في هذا المجال، كونها تحتضن سوقا مفتوحا والفرص الاستثمارية والتجارية ما زالت فيه كثيرة ومتتوعة.
وأضاف: حجم التجارة الإلكترونية بالمملكة تجاوز سقف 400 مليون دولار أي ما يعادل 1.5 مليار ريال سنويا، مؤكدا أن سوق تجارة التجزئة الإلكتروني في المملكة لم يتجاوز حتى الـ 1% من قيمة سوق التجزئة المحلي.
وتابع: بعض المنتجات المعروضة إلكترونيا تختلف عن ما هو معروض في الأسواق المحلية التقليدية أو لدى الوكيل المعتمد لمنتج معين، ففي الغالب لا يوفر الوكلاء في الأسواق المحلية جميع الإصناف والأنواع والألوان من منتج معين، أما الأسواق العالمية المفتوحة فهي توفر جميع الأنواع مع تخيير المستهلك في إمكانية تصميم منتجة النهائي بنفسه، فعلى سبيل المثال أحد شركات تصنيع أجهزة الكمبيوتر تقوم بفتح كافة الخيارات للمستهلك وتجعله قادرا على تصميم جهازه بنفسه ووفق ما يتمناه ويريده من مواصفات ومزايا، على عكس الوكيل المحلي لهذه الشركة في المملكة فهو لا يقدم إلى مزايا محدودة ومقيدة للعملاء ولا يقوم بععملية تخصيص المنتج إلا للشركات فقط.
85% للسلع مقابل 15% للخدمات
أكد بايوني ان بيئة التجارة الإلكترونية في المملكة كبنية تحتية معتمدة على الإنترنت وهناك ضعف ونقص في الشركات التي توفر وتصمم منصات التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى شركات تأمين عمليات الدفع الإلكتروني وشركات البطاقات الإلكترونية مسبقة الدفع والتي ما زالت تعد على أصابع اليد الواحدة، هذه الأسباب تشكل تحديا لأي شركة أو تاجر «فرد» في حال أراد البدء في مشروع تجاري معتمد على التجارة الإلكترونية، وهذا السبب الذي أدى إلى توجه الأفراد إلى تويتر وأنستقرام بشكل خاص لتسويق منتجاتهم وإتمام عمليات البيع والتواصل مع الزبائن.
وأشار بايوني بأن للسلع نصيب الأسد في التعاملات الإلكترونية والتي قد تتجاوز85% مقابل 15% للخدمات، لأن المستهلكين يصعب عليهم الثقة بالخدمات لأنها تتطلب دعم فني مستمر أو اشتراكات بمبالغ مرتفعة، إلا إذا كانت مقدمة من جهة معتمدة وموجودة على أرض الواقع وتوفر خدمتها إلكترونيا، على عكس السلع والمنتجات التي لا يكون مستوى التواصل بين البائع والمستهلك إلا في نطاق عملية البيع والاستلام فقط.
وقال من أسباب ضعف التجارة الإلكترونية وسائل الدفع وشركات الشحن، بالنسبة للأولي فإن الطرق الأساسية المعتمدة عالميا لإتمام التعاملات الإلكترونية التجارية هي عبر البطاقات الائتمانية، إلا أن هناك خيارات أخرى كثيرة مثل البطاقات مسبقة الدفع، خدمة سداد، والدفع عبر الجوال عن طريق الرسائل النصية، وجميعها لم تطبق أو يستفاد منها إلا من بعض الجهات ولكن على استحياء، وهذا ما جعل العديد من المواقع تبادر بخلق حل مؤقت وهو الدفع عند الاستلام، والذي اعتقد أنه سيعيدنا إلى عصر ما قبل التجارة الإلكترونية.
أما بالنسبة لشركات الشحن فتتعامل مع التجارة الإلكترونية والشراء من خارج المملكة على أنها فرصة استثمارية مربحة، فالعديد من الشركات تفرض رسوما خاصة ومرتفعة نوعا ما لمجرد إعطاء المستهلك صندوق بريد خارجي لاستقبال مشترياتهم من خارج المملكة، وهذه الرسوم مختلفة عن أسعار الشحن الخاصة بها، فالمستخدم قد يجد منتجا ذو سعر منخفض عن ما هو موجود لدى الوكيل في السوق المحلي وقد يتجاوز فارق السعر بينهما 30% بالإضافة إلى تطور المواصفات الخاصة بالمنتج، لكن بإضافة رسوم صندوق البريد الخارجي، وأسعار الشحن فإن السعر النهائي للمنتج قد يتجاوز سعره في السوق الحلي بأكثر من20%.
وعن مستوى الأمان للشراء من مواقع التسوق الإلكتروني قال بايوني: مستوى الأمن يختلف من موقع أو تاجر لأخر باختلاف آلية الدفع، فعند الشراء بالبطاقة الائتمانية أو عبر خدمة «باي بال» فإن هذه الشركات تكون حلقة الوصل بين الموقع البائع والمستهلك وهي من تحفظ حقوق الطرفين، لهذا بآن بعضها يتقاضى نسبة 1 او 2% من قيمة الصفقة مقابل تأمينها لكل من الطرفين، أما المواقع الإلكترونية الأخرى فلا يوجد هناك من يحفظ حقوق الطرفين، ولهذا خلق مفهوم «الدفع عند الاستلام».
ودعا بايوني الى ضرورة الخروج من نمطية التفكير التجاري الأحادي إلى التعاوني وخلق منصات مشتركة، بعدها سيختلف الأمر ونتجاوز ما وصله العالم، واضاف: تشير أخر الإحصائيات إلى ان قيمة الأغراض غير المستخدمة في المنازل بالمملكة تتجاوز أكثر من900 مليون غرض غير مستعمل موجودة داخل المنازل بالمملكة والتي تقدر قيمتها بنحو370 مليار ريال، فيمكن تخيل الدخل والنشاط التجاري الذي قد يجنيه الأفراد من خلال بيع وشراء هذه المنتجات.
وقال إن نسبة الإناث في مشاريع التجارة الإلكترونية تتجاوز الذكور بنسبة كبيرة جدا قد تتجاوز70%، فالإناث يركزن على المنتجات اليدوية والأطعمة وخدمات التصميم الداخلي والأزياء، إضافة إلى انهن يملكن القدرة على العمل من المنزل دون معوقات.
توفير خدمات البيع وما بعد البيع
وقال خبير الاقتصاد التقني عبدالعزيز حمزة من أهم تحديات التجارة الإلكترونية في السعودية البنية التحتية والخدمات المساندة للإنترنت بدءً من توصيلها ونوع الاتصال وسرعتها، فحاليا يشهد المستخدم في المملكة ضعف شديد في سرعات الإنترنت ومصداقية البائع وتوفير خدمات البيع وما بعد البيع الملائمة للمنتج وتوفر بوابات دفع بعمولات غير مبالغ فيها من قبل البنوك ورسوم شركات التوصيل ولا نزال ننتظر (سداد) للدخول كبوابة دفع فهي تعد الأفضل والأنسب ونفتقد لثقافة التسوق الالكتروني وهذا بسبب عدم وجود ووضوح لاتفاقيات الاستخدام ووثائق الخصوصية التي لا تتعامل معها الكثير مواقع التجارة الإلكترونية بشكل جاد وقانوني وهذا قد يفتح نقطة جديدة وهي توفر محامين لديهم الخبرة في القوانين التقنية والالكترونية في بلورة هذه الوثائق واعتمادها.
بالإضافة إلى ضعف آليات الدعاية والإعلان والتسويق الالكتروني أحد هذه الأسباب. وعن جم التعاملات في التجارة الإلكترونية في السعودية قال: أخر إحصائية حلت الإمارات الأول على رأس القائمة على مستوى دول الخليج بـ5.1 مليار دولار التي تمثل ثلث معاملات الشرق الأوسط من التجارة الالكترونية تليها السعودية بحوالي 2.7 مليار دولار (مايعادل 10.1 مليار ريال) وأضاف: كون المملكة من أكبر الأسواق نموا في ظل هذه المعوقات فهذا يدل على مؤشر الاستهلاك المتنامي بسبب ارتفاع عدد السكان وإيجاد بدائل لارتفاع أسعار المنتجات المحلية المستمر التي تباع بالطرق التقليدية، خدمات التوصيل إلى المنازل، ولا ننسى كثرة الأفكار والمشاريع الالكترونية التي تطرح فالشاب السعودي صاحب ابتكار ورؤية إبداعية في هذا المجال، فلو تمكنا من معالجة تلك المعوقات سيصبح سوق التجارة الالكترونية بالسعودية في مصاف دول العالم.
56% من معاملات التجارة الإلكترونية حجوزات طيران وفنادق
وحول نسبه الإقبال على السلع إلكترونيا والخدمات قال إن 56%من معاملات التجارية الالكترونية هي عبارة عن حجوزات تذاكر طيران وحجوزات فنادق وعلى سبيل المثال 11% تمثل مبيعات الكتب و8% للملابس وكل ما يتعلق بالموضة، وهذ مؤشر يعكس أهمية نوع بوابات الدفع ومدى تأثيرها على نسب هذه المنتجات بمعنى أن بوابة دفع كسداد أو شركة اتصالات ما ستعطي بالتأكيد مصداقية عالية وثقة لدى المستهلك لذلك دخول شرات الاتصالات وسداد في هذا المجال بقوة أكثر خصوصاً مع مواقع التجارة الالكترونية الناشئة وذات المشاريع المبتكرة سوف يعطي دفعة لنمو التجارة الالكترونية أكثر وأوسع فالتجارة الالكترونية تعتبر صناعة هامة على المستويين الاقتصادي والتنموي الاجتماعي.
وتابع: الاستثمار التقني يعتبر جديد في السوق السعودي فكلا الطرفين لا يزالان يفتقران للخبرة الكافية في هذا المجال فمعظم رواد الأعمال من الشباب الذين يحملون أفكاراً تقنية غير مسبوقة لكن قلة خبرتهم في إدارة المشاريع مثل التسويق والمالية والإعلان أدت لقتل الكثير من هذه الأفكار المميزة وفي الجانب الآخر من قبل المستثمرين لايزال الكثير منهم يتعاملون مع هذه الأفكار والمشاريع بشكل تقليدي فهم على سبيل متسرعين في جني الأرباح فالمشاريع التقنية من المعروف عنها أنها تأخذ وقتا حتى تنطلق نحو المحلية و حتى العالمية لكن عندما تنطلق من أرضية إدارية صلبة لا يمكن إيقافها، الأمر الآخر السلبي في جانب المستثمرين أنهم لا يزالوا لا يرون أهمية المشاريع التقنية وأنها المستقبل الذي سيفرض نفسه قريباً.