سلمان بن محمد العُمري
معلوم لكل مسلم ومسلمة أن الدين الإسلامي الحنيف شرعه الله - تعالى - رحمة بالناس، وهداية لهم، ونوراً في الدنيا والآخرة، كما قال - تعالى - : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء. وكما قال - تعالى - : {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (123) سورة طـه.
ومن الأمور التي أباحها الإسلام، لتخفيف آلام الناس، وعلاج بعض الأمراض، (الرقية الشرعية)، وجعل لها ضوابط شرعية يجب مراعاتها، حتى لا تخرج عن حقيقتها وتصبح وسيلة للشرك والعياذ بالله، أو تصبح أداة للخرافات، وابتزاز الناس، واستغلال آلامهم، وحاجتهم، وضعفهم، لأكل أموالهم بالباطل، وقد يصل الأمر إلى انتهاك أعراض المسلمين بحجة علاجهم، أو إذهاب العين عنهم، أو تخليصهم من المس، أو إخراجهم الجن، أو غير ذلك.
لذلك، فإنَّ من الواجب المتحتم - كما يقرره علماؤنا - أن تكون الرقية موافقة للهدي (النبوي)، وما كان عليه الصحابة - رضوان الله عليهم - .
وقد ظهرت في عصرنا هذا مظاهر غريبة في استعمال الرقية، تثير الاستغراب، فقد أصبح لها متخصصون محترفون تشد إليهم الرحال، ويتزاحم الناس على أبوابهم بالمئات طلباً للرقية، وهنا يرد كثير من الأسئلة.
* هل كان الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - يفعل هذا، ويجتمع المئات عليه، ليرقيهم؟
* وهل كان - صلى الله عليه وسلَّم - يقرأ على براميل المياه، وعلى الآبار، والأنهار، ثم يوزع هذا الماء المقروء عليه؟
* وهل ما يفعله كثير من محترفي الرقية، من القراءة على العشرات في وقت واحد، ثم النفث عليهم بالجملة، هل ذلك من الهدي النبوي؟
* هل القراءة بمكبرات الصوت على المئات، وتكليف عمال يرشون الناس بالماء، من الرقية الشرعية؟
ومن الطرائف الجديدة في عالم الرقية وجود رقية متخصصة بالإبل، ووجود ماء مقروء عليه للإبل خاصة، ولست أدري إن كان ذلك الماء صالحاً للآدمي أيضاً أو لا؟ وهل يصلح لغير الإبل كالبقر، والضأن، والمعز مثلاً؟!
ولست أدري هل يخترعون أيضاً ماء، أو بنزيناً مقروءاً عليه للسيارات؟ أو لكل نوع وموديل قراءة خاصة؟!
الحقيقة أن مثل هذه المظاهر، ينبغي على الجهات المسؤولة في الدولة أن تحاربها، وتحمي المستضعفين من الناس من استغلال هؤلاء الناس لهم، كما يجب على العلماء وطلبة العلم، والخطباء، أن يبصروا الناس بأمور دينهم، ومنها بيان أحوال الرقية الشرعية، وتوضيح شروطها، وقواعدها، وآدابها، وتحذير الناس من المتاجرين بآلام الناس، وحاجتهم، وأن يتثبتوا من أهلية من يرقي قبل الذهاب إليه، فقد يكون من المشعوذين والمتطفلين على الرقية، وكثير من مشاكل الرقية سببها اندفاع الناس نحو بعض الأشخاص مجهولي الحال لمجرد توصية من فلان أو فلانة أو كثرة الناس حوله.