سلمان بن محمد العُمري
من أهم الأمور التي تشغل بال المسؤولين في جميع دول العالم: قضية حوادث السير، وما يترتب عليها من الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات, والإصابات, والعاهات المستديمة، وما يترتب على ذلك من المآسي، والمشكلات الاجتماعية, من الترمل، والتيتم, والإعاقات الجسدية والعقلية, وغير ذلك مما لا يخفى على أحد, التي تجاوز خسائر الحروب المباشرة وأضرارها.
وكنت قد كتبت مقالات عدة في هذا الشأن الخطير, وذكرت أسباباً عدة لذلك, وما ينبغي اتخاذه من إجراءات للتقليل من الحوادث المرورية.
ومن أهم أسباب الحوادث: ما يرجع إلى العنصر البشري، وفي مقدمة ذلك سائق العربة الذي يجب أن يكون مدرباً تدريباً جيداً على (السياقة)، محتفظاً بكثير من لياقته الصحية والعقلية والنفسية؛ ليكون قادراً على التركيز أثناء (السياقة)؛ لأن من أهم أسباب وقوع الحوادث قلة تركيز السائقين, إما بسبب الإرهاق الشديد, أو قلة النوم, أو الانشغال بأمور أخرى غير (السياقة).. وقد قالوا: المشغول لا يشغل.
ومن أهم الأسباب المعاصرة التي تشتت الذهن انشغال السائقين بالمكالمات الهاتفية، واستعمال الجوال أثناء (السياقة)؛ ما يشتت ذهن السائق, ويضعف تركيزه.. وهذا أمر مشاهَد؛ لا يحتاج إلى نقاش؛ فكثيراً ما ترى سائقاً شبه متوقف في الطريق, أو لا ينتبه حتى يصدم السيارة الموجودة أمامه أو بجانبه, أو تراه فجأة يصطدم بجدار، أو يصعد فوق الرصيف، وعندما تحقق النظر تكتشف أن الرجل كان منشغلاً بالهاتف!! قال تعالى: {ما جَعَلَ اللَّه لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (4) سورة الأحزاب.
وقد أثبتت الدراسات العلمية الحقائق الآتية:
أولاً: إن استخدام الجوال أثناء القيادة يقلل من نشاط الدماغ بنسبة 37 %.
ثانياً: إن استخدام الجوال أثناء القيادة يُفقد السائق تركيزه لمسافة 110 أمتار.
ثالثاً: استخدام الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة التعرض للحادث إلى 5 مرات.
رابعاً: استخدام الجوال أثناء القيادة هو السبب - بعد تقدير الله تعالى - في 60 % من الحوادث المرورية.
كل هذا يوجب على الجهات المسؤولة دراسة هذه الظاهرة الخطيرة، وهي استعمال الجوالات أثناء القيادة، وفي مقدمتها وزارة الداخلية، ممثلة في الإدارة العامة للمرور, وحبذا لو كانت هذه المخالفة مساوية لمخالفة تجاوز السرعة المحددة؛ لأنها أشد منها خطورة، وأكثر تسبباً في الحوادث, وما يترتب عليها من المآسي.