سلمان بن محمد العُمري
لا يخفى على الجميع أهمية العمل الخيري في أي مجتمع من المجتمعات، وبخاصة المجتمعات الإسلامية، فهو من أفضل القربات وأجل الطاعات، تضاعف فيه الحسنات، كما أنه وسيلة كبيرة من وسائل بناء المجتمع، وتماسكه، وتراحمه، وتنمية البلاد، وتطويرها، ومساعدة المحتاجين والفقراء، سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد، أم المؤسسات، والجمعيات، وسواء أكان ذلك على صفة العموم في كل وجه من أوجه الخير، أو التخصص في أوجه محددة.
ومن الجمعيات الرائدة في مجال العمل الخيري الأسري: )الجمعية الخيرية للزواج والرعاية الأسرية في بريدة( التي دخلت عامها السابع في مسارها الجديد بعد ضم وحداتها التي كان بعضها يقدم خدماته عبر مسميات ومظلات أخرى قبل أكثر من عشرين عاماً، وتم تطويرها، وتوسيعها، لتقدم برامجها، وخدماتها لجميع شرائح المجتمع.
ومما تتميز به هذه الجمعية الفتية تعدد وحداتها، وتنوع مرافقها: ففيها وحدة التوفيق الزوجي، ووحدة الإصلاح الأسري، ومركز إسعاد للاستشارات الأسرية، ومركز خدمة مهارات الأسرة للتدريب، ووحدة تيسير الزواج.
ومن أوجه العمل الخيري في هذه الجمعية: أنها تقدم مساعدات مالية، وقروضاً ميسرة، للمقبلين على الزواج وفق الشروط والضوابط المبينة في وثائقها.
وقد كان القائمون على إنشاء هذه الجمعية موفقين عند اختيارهم مجال الأسرة؛ ليكون مناط أعمالهم ؛ لأن الأسرة هي اللبنة الأولى في البنيان الاجتماعي للدولة، وكلما كانت اللبنات صحيحة سليمة كان البنيان كذلك قوياً متيناً، وكانت الجبهة الداخلية حصناً منيعاً، والعكس بالعكس،كانت الأسرة ضعيفة مترهلة متشتة انعكس ذلك على المجتمع، وانتشرت المظاهر السلبية التي تؤثر في تماسك المجتمع وترابطه.
إن كل وحدة من وحدات هذه الجمعية الخيرية المباركة لايمكن أن نعطيها حقها من التفصيل والبيان والإيضاح عن مهامها فهي متعددة وأولى هذه الوحدات وحدة التوفيق الزوجي التي تسعى إلى مساعدة الباحثين عن الزواج، وتقدم الوحدة خدمتها من خلال برنامج إلكتروني (توفيق) ويتعامل بسرية تامة وبيانات دقيقة، وهناك وحدة الإصلاح الأسري التي تعني سجل الخلافات الزوجية والأسرية عبر نخبة من المصلحين من ذوي الخبرة العالية والتأهيل المتميز وذلك بالتواصل مع أطراف كل قضية وتقريب وجهات النظر بينهم، ومساعدة الأسر على تلافي المشكلات وتقديم المشورة والنصيحة والإصلاح بين المتخاصمين والتعاون مع الجهات الرسمية في الإصلاح.
ويضاف لهاتين الوحدتين مركز (إسعاد) للاستشارات الأسرية وهو مركز متخصص لمعالجة المشكلات الأسرية والاجتماعية هاتفياً وحضورياً سواء أكانت زوجية أم نفسية أم تربوية بسرية تامة من خلال نخبة من المرشدين والمرشدات وهذا المركز وَحْدَه يضم (18) مرشداً ومرشدة من ذوي العلم والاختصاص، أما مركز مهارات الأسرة للتدريب فيقوم بتنفيذ سلسلة من الدورات التدريبية التأهيلية للشباب والفتيات بهدف إكساب أفراد الأسرة من آباء وأمهات مهارات جديدة وتقوية العلاقات الأسرية بين الزوجين، ومن أبرز جهود الجمعية وحدة تيسير الزواج وهي الوحدة التي تقوم بتقديم الإعانات المالية للشباب المقبلين على الزواج عبر برنامج المساعدات المقطوعة أو القروض الحسنة بعد تطبيق الشروط المطلوبة .والزواج عقد مشروع وهو سنة مؤكدة، قال - عليه الصلاة والسلام - : « تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة « .
وهناك أعمال أخرى للجمعية لا يتسع ذكرها الآن والأهم أن هذه الجمعية خرجت عن المألوف في الجمعيات الأخرى بالاقتصار على تقديم الدعم المادي للمتزوجين بل طرقت مناحي وبرامج عدة تضمن بناء حياة أسرية متكاملة يسودها الألفة والمحبة.
إني إذ أدعو المخلصين في هذا الوطن الغالي - وهم كثيرون - إلى التوسع في العمل الخيري، وإنشاء مؤسسات خيرية على أسس علمية، وأخذ التراخيص اللازمة من الجهات الرسمية؛ ليكون العمل على مناهج ظاهرة, وضوابط معروفة؛ لأن في ذلك مساعدة للدولة، وتكاملاً مهماً معها في خدمة الوطن والمواطن.