زكية إبراهيم الحجي
تهدف التربية البيئية كمفهوم إلى بناء المواطن الإيجابي الواعي بمشكلات البيئة.. وإلى تنمية الوعي بأهمية البيئة وتنمية القيم الاجتماعية للمحافظة على بيئة نظيفة خالية من التلوث.. إلى جانب تنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وبيئته.. ومن هذا المنطلق أصبحت التربية البيئية ذات بعدٍ مهمٍ من أبعاد حل مشاكل التلوث البيئي من خلال غرسها لأخلاقيات بيئية عند أفراد المجتمع فالإنسان صنيع بيئته وصانعها في آنٍ واحد تربطه علاقة وثيقة بها..
هي معيله الطبيعي الذي يوفر له فرص النمو والرقي فكرياً واجتماعياً واقتصادياً.
إن التربية البيئية ليست فكراً نظرياً بل ثقافة تربوية تطبيقية تتجلى بالفعل والممارسة والجهد المشترك لضمان بيئة صحية سليمة تستجيب للأزمات التي تواجه البشرية.. ولأن عملية التطبيع الاجتماعي للأبناء تتم من خلال كل مؤسسات المجتمع التي يتفاعلون معها إلا أن أكثر هذه المؤسسات تأثيراً هي المؤسسة الأسرية.. فالأسرة هي العمود الفقري الذي يشكل اللبنات الأولى لأي جماعة إنسانية وبالتالي فإن أهمية الأسرة تتضح في تشكيل شخصية الطفل إذا ما تذكرنا المبدأ البيولوجي العام الذي يشير بازدياد قابلية التشكيل كلما كان الكائن صغيراً كما أن الأسرة هي المسئولة خصوصاً في السنوات الأولى من عمر الطفل عن كثير مما يرد للطفل من مؤثرات. فهي البيئة الاجتماعية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بتكوين ذاته عن طريق عملية التفاعل الاجتماعي المتمثلة في الأخذ والعطاء.. وفي هذه البيئة الاجتماعية يتلقى الطفل أول إحساس بما يجب القيام به.. وقد تعارف المربون على أن من وظائف الأسرة الهامة.. تهيئة بيئة صالحة للطفل لتحقيق حاجاته المتعددة وإعداده للمشاركة في حياة المجتمع مع تزويده بالوسائل التي تهيئ له تكوين ذاته داخل المجتمع.
وتأسيساً لما سبق تصبح الأسرة أهم مؤسسات المجتمع في تهيئة الأفراد للحفاظ على البيئة وحمايتها ودرء المخاطر عنها.. ومنها يكتسب الأبناء المُثل العليا وقيم النظافة وترشيد الاستهلاك مما ينعكس إيجابياً على البيئة.
إن ما يكتسبه الأبناء من سلوكيات إنما يأتي من خلال تعايشهم اليومي مع أسرهم حيث تتشكل اتجاهاتهم من خلال مشاهداتهم اليومية لما يمارسه الأبوان وتكاد تكون التربية بالتقليد والمحاكاة من أهم وسائل التربية التي يمكن أن تلجأ لها الأسرة لبناء اتجاهات إيجابية فعالة عند الأبناء نحو البيئة وتعزيز قيم المحافظة عليها.. فإذا كان دور الأسرة في وقاية البيئة من الأخطار التي تتهددها أمراً أساسياً فإن دورها في معالجة ما يعتري البيئة من مشكلات لا يقل أهمية عن دورها الوقائي في التصدي لكل ما يعتري البيئة من مشاكل تلوث لا يمكن الجزم بأنها لا تحدث.
الأسرة تعد عملياً نقطة الارتكاز في معالجة قضايا البيئة وفي مقدمتها التصدي لمشكلة التلوث وعلى عاتقها تقع مسئولية بث الوعي البيئي لدى الأبناء حيال قضايا البيئة.. فعلى سبيل المثال تذكيرهم بمشكلة الماء وكيف أن الإنسان قد انحرف عن المنهج السليم في التعامل مع الماء فأسرف ولوث واستنزف.. ولن يكون هناك حل لقضايا الماء إلا من خلال الإنسان نفسه.. التوعية بالعادات الصحية السليمة واتباع السلوك البيئي السليم كرمي المخلفات في أماكنها المخصصة.. وعدم رمي القاذورات في الطرق العامة إلى غير ذلك من أساليب التوعية والتطبيق العملي لخلق عادات صحية سليمة في بيئة عامة يعيش فيها الجميع.