عثمان أبوبكر مالي
تتواصل في الدوري السعودي لكرة القدم حملة إقصاء المدربين من أكثر فرق أنديته، وبالتساوي (تقريباً) بين الفرق المنافسة على المقاعد الأولى ومنصات التتويج، مثل النصر والهلال والاتحاد والشباب مع فرق المنطقة الدافئة وفرق المؤخرة التي تتنافس على الهروب أو الابتعاد عن مظلة الهبوط إلى الدرجة الأولى مثل: الشعلة والعروبة والرائد، ولم يحتفظ فريقٌ من فرق المقدمة بمدرب البداية الذي جاء مع انطلاقة الموسم سوى فريق واحد، هو فريق النادي الأهلي مع مدربه السويسري جروس الذي كان قد حضر أول الموسم إلى جانب أربعة مدربين للعمل لأول مرة في الدوري السعودي.
حتى الآن، وبعد انتصاف الدوري استخدم قرار الإقصاء للمدربين في الدوري السعودي تقريباً تسع عشرة مرة في أحد عشر نادياً، مما يعني أن هناك فرقاً أقصت أكثر من مدرب خلال النصف الأول من الدوري كما حصل في الشباب مثلاً.
ولا يمكن أن يكون قرار الإقصاء الذي يتم بالسرعة التي تحصل والكيفية التي تتم في كثير من الأندية قراراً فنياً في أغلب ما اتخذ، وإنما هو الإجراء الأضعف الذي تلجأ إليه أغلب إدارات الأندية عند الفشل وتوالي الانكسارات والخسائر، فيتم التضحية بالحلقة الأضعف لتغطية فشلها وضعف رؤيتها وعدم قدرتها على أخذ القرار الصحيح، سواء من البداية عند التعاقد واختيار المدرب، أو لاحقاً بالعمل الجيد والحقيقي وتجهيز الأدوات المطلوبة مما يخلق للجهاز التدريبي مساحة العمل الفني بارتياح، وتفرغاً لمتطلباته الميدانية والإدارية، وبالتالي تحقيق النجاح المنتظر، ولعل من دلائل وإشارات ذلك، توقيت أخذ القرار في أكثر الإقصاءات التي تمت، وعلى سبيل المثال النادي الذي يُبقي مدربه أكثر من ستة أشهر على رأس العمل، ويترك فرصة التغيير في وقت مناسب جداً، عند وجود توقف قرابة شهرين، ثم يقصيه بعد أسبوعين أو مباراتين من الاستئناف بحجة النتائج، لا يمكن التصديق أن فيه (رؤية) أو قبول أن قراره (فني) ومبني على العمل والنتائج، وإنما هو للترضية وامتصاص الغضب.
الحملة التي ترتفع في نادٍ (إعلامياً وجماهيرياً) بغية إلغاء عقد مدرب وإقصائه، ليس لعدم نجاحه أو تحقيق البطولات، وإنما لأن شخصيته قوية وانضباطيته عالية، وحجة من ينادون بذلك أنها لا تتناسب مع لاعب أو لاعبين في الفريق أو حتى مع اللاعب السعودي، دون النظر إلى أن الحقيقة هي فشل لاعبينا في أن يكون لهم سلوك وانضباطية اللاعب المحترف، أو حتى المحترم، فتداريهم الأندية بقرار ضد الحلقة الأضعف وإلغاء عقود المدربين (العمليين) وستبقى هذه السيرة مفتوحة في أنديتنا وكرتنا، ومع كل فريق يخسر بفعل فشل إدارته ودلع وغطرسة وسوء سلوك بعض لاعبيه يحضر الإجراء الأضعف والصوت الأعلى: (يا خواجه بررررررره)!.
كلام مشفر
) ثلاثة أندية فقط أبقت واحتفظت بمدربي البداية، ولا يزالون مستمرين معها حتى الآن، هي أندية: الأهلي كما ذكرت مع مدربه السويسري جروس، والفيصلي مع مدربه البلجيكي ستيفان ديمون، والخليج مع مدربه جلال قادري.
) آخر الأسماء التي تم أقصاؤها من مدربى البداية المدرب الروماني لورينتو ريجكامب مدرب فريق الهلال، وقد كان أحد الخمسة الذين حضروا لأول مرة إلى الكرة السعودية أول الموسم، إلى جانب ثلاثة مدربين كانوا مستمرين من الموسم الماضي، وغادروا جميعاً هم: القروني وتوفيق روابح وناصيف البياوي الذي انتقل من هجر إلى الفتح.
) نقص كبير يعتري العمل الإداري المُهيئ والمساعِد للعمل الفني في كثير من أنديتنا، مما يساهم في الانضباطية وفرض النظام وتطبيق اللوائح على الأندية، ولعل مدرب الاتحاد بيتوركا قد تنبه لذلك قبل حضوره، فاشترط أن يكون مع طاقمه مديرٌ إداري يتولى المهام الإدارية التي نجح في تطبيقها على لاعبيه حتى الآن، رغم ما يُواجهه من ضغوط ورفض داخلي مؤثر.
) أول من يضع قراره بين مقصلة (قدمي) اللاعبين هم رؤساء الأندية بمباشرتهم لكل أمور وأعمال فريق كرة القدم من استقطابات وتعاقدات وتنقلات والتصدي لها، للظهور بمظهر البطل وصانع الإنجاز، ولذلك يستحقون ردة الفعل عندما تسوء النتائج، حتى وإن كانت بفعل مدرب وأقدام اللاعبين.
) بالإجماع يرى كثيرون أن اللاعب السعودي صاحب مزاج سريع التقلب، لذلك هو بحاجة إلى مدير إداري (فاهم) وقوي صاحب شخصية وقدرة على تجهيز اللاعب في كل الظروف والأحوال، وفي نفس الوقت يمتلك دراية وكاريزما كروية يستطيع بها إخراج كل ما لدى اللاعبين من دافعية في كل وقت.
) وليس شرطاً أن كل لاعب سابق يستطيع أن يكون مديراً إدارياً وينجح كمدير فريق، وليس عيباً أن يستعين مدير الفريق بأسماء وطنية أو خبرات أجنبية تساعده وتسهم معه في عمله وتجهيز اللاعبين ولو على طريقة الاستشارة، فما خاب من استشار.