طراد بن سعيد العمري
تردي الأوضاع في اليمن أمر مقلق لليمنيين ودول وشعوب الجزيرة العربية والشرق الأوسط والعالم الحر في الشرق والغرب. أفشلت القوى المتناحرة في اليمن كل الجهود الخيّرة التي قام بها العالم وفي مقدمة ذلك المبادرة الخليجية التي تهدف إلى حقن الدماء
وانتقال السلطة بالحوار والتوافق بين أبناء الشعب اليمني. تدهور الوضع السياسي والأمني مؤخراً يتطلب موقف حازم وحاسم من كافة دول العالم والمنظمات والهيئات الدولية لكي لا تنزلق الأوضاع إلى حرب الفوضى والإقتتال مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على مكونات الدولة اليمنية، ثم انتقال شر ذلك إلى كافة دول الجوار.
الحل السريع والحاسم يكمن في مبادرة سريعة من مجلس التعاون الخليجي لتحريك قوات درع الجزيرة بدعم من الأردن ومصر لتأمين وإدارة باب المندب وحمايته من امتداد الفوضى القبلية والقتالية إليه وسقوطه بيد جماعات تساوم وتبتز العالم به حتى يصطلح اليمنيون وتعود الدولة ومؤسساتها صالحة للعمل. باب المندب هو مصلحة استراتيجية لكافة دول المجلس النفطية التي تسوق منتجاتها عبر بوابة باب المندب، بالإضافة الى الأردن متمثلا ً في خليج العقبة، ولمصر في قناة السويس، كما أنه مصلحة حيوية لواردات وصادرات الاتحاد الأوروبي وتركيا من وإلى الشرق، بالإضافة إلى كافة الدول الصناعية والتجارية في شرق آسيا.
السيطرة على ممر باب المندب وحمايته وإدارته أمر بالغ الأهمية ويعطي رسالة هامة إلى إيران أو أي دولة في دائرة الاتهام بمساعدتها لتقويض الأمن والإستقرار في اليمن، ونحن نسمي إيران التي لوح بعض قادتها همزاً ولمزاً بقدرة إيران على السيطرة على الممرات المائية في مضيق هرمز وباب المندب في حال تعرضت لاعتداء أو سارت الأمور السياسية على غير هواها. السيطرة على باب المندب بقوات درع الجزيرة يعني أن الحل يأتي من أهل المنطقة المعنيين مباشرة بأثاره السلبية والذين قدموا لليمن والعالم أكبر مثال في العقل والحكمة بمبادرتهم التي انطلقت مع بداية الربيع العربي.
تحريك مجموعة لواء او (10.000) عشرة آلاف جندي من قوات درع الجزيرة سريعة الحركة ودعمها بزوارق وفرقاطات بحرية مع تغطية جوية بمشاركة من الأردن ومصر سيحقق أربعة أهداف: الهدف الأول، تأمين وتحرير التجارة الدولية من المساومة والابتزاز. الهدف الثاني، إعطاء الحلول السياسية والحوار والوساطات، التي عادة ما تأخذ بعض الوقت، فرصة للنضوج واتجاه الحل لما يرضي كافة الأطراف اليمنية. الهدف الثالث، قطع الطريق على مقوضي الإستقرار والحل السلمي في داخل اليمن وخارجه ونزع ممر باب المندب الحيوي من معادلة المساومة. أما الهدف الرابع، فهو رسالة قوية وحاسمة أن دول الخليج العربي لن تتوانى في حماية مصالحها الإستراتيجية والحيوية بكل الطرق الممكنة.
الحلول السياسية مطلوبة، ورعاية الأمم المتحدة للحل السياسي مهم، ومجلس الأمن شر لابد منه، لكننا تعلمنا أن مجلس الأمن محكوم بحسابات عالمية ودولية تفوق احتياجات الدول للأمن السريع والعاجل. مجلس الأمن مسرح وملعب للكبار لا يقيم وزنا لمصالح الصغار. أمريكا في جانب، وروسيا في جانب آخر، ويندر أن يتوافقا في قضايا أساسية لها علاقة بمناطق حيوية من العالم مثل الشرق الأوسط الذي تسيل له لعاب القوى العظمى منذ قرون. ولذا، فأخذ زمام المبادرة بيد دول الخليج أمر حتمي سيوفر الكثير من العناء والفوضى والتدخلات الدولية الذاتية.
أخيراً، المنظمات الإرهابية التي انتشرت وتعاظم شر وخطر أفعالها في الشرق الأوسط يجب أن تقابل بردود أفعال حازمة وحاسمة من المعنيين المباشرين في المنطقة. لقد باتت تلك المنظمات والجماعات تعرف اللعبة الدولية وتقرأ ردود أفعال القوى العظمى قراءة صحيحة وجيدة، ولذا اكتشفنا أن كثيراً من الحلول لمواجهة القاعدة وداعش، على سبيل المثال، كانت جزءاً من المشكل الذي تستخدمه تلك المنظمات في تسويق أيديولوجياتها وأهم مافي ذلك استدعاء القوات العسكرية الغربية لحماية دول وشعوب ومصالح المنطقة. الحل في اليمن بيد اليمنيين أولا ً، ثم بيد الدول المجاورة فقط المتضررة من الفوضى وفشل الدولة في اليمن من دون تدخل القوى العظمى، لأن ذلك الفشل وتلك الفوضى نار تأتي على مصالح وشعوب ودول المنطقة، وعظيم النار من مستصغر الشرر.