أ.د عبدالله بن أحمد الفيفي
اللغة: هُويَّة الإنسان، بل هي ميزة الإنسان على الحيوان، وكانت أول درس تلقّاه آدم، إذ علَّمه الله الأسماء كلها. وليست اللغة بوعاء الفكر فحسب، كما يُقال، أو مجرد وسيلة تواصُل، بل هي أكثر من ذلك؛ من حيث هي أداة الفكر؛ فلا تفكير إلَّا بلغة.
فعن أيّ طفلٍ عربيٍّ نتحدث؟ وأيّة لغةٍ عربيّة نحلم بها؟ وهل اللغة سوى الحياة؟ هل اللغة سوى نبض القلوب والعقول؟ وكيف للطفل العربي أن ينتمي إلى لغة لا يسمعها، ولا حتى يتعلّمها على نحو سليم؟! كيف له أن يُحبّ لغته وهو لا يعرفها إلّا نظريًّا، أو قُل يُخيَّل إليه أن هناك شيئًا كان اسمه لغة العرب، وكان في سالف العصر والأوان أقوام غريبو الأطوار يستعملون تلك اللغة الصعبة، يلوون بها ألسنتهم -كما في المسلسلات التاريخية، التي باتت في هُزالها سلوى كلّ مكروب- حتى جاء مهووسٌ فارسيٌّ اسمه (سيبويه)، لم يستطع شيئًا فجاوزه إلى ما يستطيع، إذ حاول تقعيد العربيَّة، فعقَّدها على بني يعرب تعقيدًا، فكان كمن أراد أن يكحل عينًا فأعماها!
تلك هي صورة اللغة العربية لدى أطفالنا!
لماذا، إذن، لا نحذو حذو الأُمم في تعليم لغاتها، محادثةً وكتابةً؛ رابطةً النظريّة بالتطبيق، بل معتمدةً على الاستخدام قبل التقعيد؟!
لنَعُدّ اللغة العربيّة، جَدَلًا، لغةً أجنبيَّةً، كالإنجليزية -التي نعتزّ اليوم بتكريسها لغة حياةٍ وعمل- أو الفرنسيّة، أو الأسبانيّة، فكيف تُعلَّم اللغات الأجنبيّة في كلّ بلدان العالم؟
ألم يأنِ للعرب أن يَعُوا ما اللغة في حياة الشعوب؟!
أولم يأنِ لهم أن يُدركوا أن اللغة استخدام وتطبيق، لا نظريات وهلوسات قواعديّة؟!