د. عمر بن عبدالعزيز المحمود
«أيها الشعب الكريم: تستحقّون أكثر ومهما فعلت لن أُوفيكم حقّكم، أسأل الله أن يُعينني وإيّاكم على خدمة الدين والوطن، ولا تنسوني من دُعائكم».. بهذه الكلمات الحانية ختم مليكنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود القرارات الملكية التي لم تكن غريبة أن تصدر عن رجل بحجم سلمان، وأفرحت الصغير والكبير، وأشاعت روح التفاؤل والبشارة في قلوب أبناء هذا الوطن الوفي.
فقبل أيام تولّى قيادتنا وأمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -وفقه الله- وأصدر العديد من الأوامر الملكية، وتغييراً لوزراء بحيوية الشباب ودماء جديدة متناسقة متناغمة هدفها الرئيس والأساس تكملة مشوار الخطط التنموية للوطن والمواطن ودمج وزارتي التربية والتعليم العالي في وزارة واحدة لتتماشى مع خطة تطوير التعليمين العام والجامعي داخلياً وخارجياً لطلاب الابتعاث.
إضافة لإلغاء العديد من الهيئات واللجان التي كانت تشكّل عبئاً مالياً ووقتياً بالإمكان استغلاله لأمور رأى من خلالها ملكنا وقائدنا أنها - بمشيئة الله - ستكون أعمّ نفعاً وفائدة وأنها - بعون الله - ثم بالرجال الأكفاء من سيساندونه للتحرّك لإعداد خُططٍ مستقبلية لمرحلة مهمّة مقبلة من تاريخ وطن وأمّة.
إن المتأمل في هذه القرارات الملكية يوقن أنها ستسهم في دعم مسيرة التنمية والتطور في البلاد، وقد تجلى ذلك في القرارات التي ألغت العديد من الأجهزة؛ ووحَّدت الجهود في مجلسين للشؤون السياسية والأمنية والشؤون الاقتصادية والتنمية، بهدف رفع كفاءة الأداء والإنجاز، والقضاء على الازدواجية بين القطاعات الحكومية.
إن هذه الأوامر الملكية شملت تعيين الكفاءات الوطنية التي خاضت تجارب متعددة في القطاع الخاص، وسيكون لها دور إيجابي في العمل الإداري الحكومي، وتبادل الخبرات فيما بين القطاعين، الأمر الذي سينعكس على مصلحة الجميع، ولا شك أن مضامينها تنم عن حكمة قائد، وقراءة خبير في شؤون الدولة، وصاحب رؤية سياسية نمت طوال سنين من العمل الإداري والقيادي في الدولة، فجاءت هذه القرارات ترجمة لهذه الخبرة، فسعد بها الوطن، واستبشر بها المواطن.
لقد أثارت هذه الأوامر والقرارات الكثير من الإعجاب لدى معظم المواطنين، وتعد بحق إضافة نوعية لجميع القطاعات الحكومية، فضخُّ دماء جديدة وشابة في مختلف الوزارات والقطاعات الحكومية التي نالتها موجة التغيير أمرٌ في غاية الأهمية، بل هي سابقة تاريخية لم يحدث لها مثيل في تاريخ المملكة لا من حيث العدد ولا من حيث النوعية، والمتأمل في تلك الأوامر يجد أنها طالت معظم القطاعات الحكومية التي لها علاقة مباشرة بخدمة ورفاه المواطن.
إن هذه الأوامر تمثل رؤية ملك قادم بقوة إلى عرش المملكة العربية السعودية، تتمثل في الرؤية الواعية المدركة لأدق تفاصيل حياة المواطن السعودي وحجم احتياجاته المتنوعة في المجال الأمني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتعليمي، كما تنبئ هذه القرارات عن مرحلة قادمة من العمل المتواصل المخلص والنشاط القوي قولاً وفعلاً في خدمة المواطنين السعوديين وتحقيق ما يصبون إليه وينشدون تحقيقه على أرض الواقع.
لقد أتى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يواصل المسيرة، ويحدث نقلة قوية بخطوات عملية وإستراتيجية لهذا الوطن، لقد بدأت الدولة بحلم، ثم تحولت إلى واقع، ثم إلى نموذج للتوحيد، وبروحانية الأب الحنون والإنسان جاءت هذه القرارات الملكية، وألقت ببهجتها على الوطن، وهي نقلة تاريخية ورؤية حاسمة وعملية لبناء حكومة قادرة على تحديات المرحلة، فكان الدعم للإسكان حتى يستطيع المواطن امتلاك منزل، وتم دعم الكهرباء حرصاً على التسهيل، وإعادة تشكيل مجلس الوزراء، ودمج وزارتي التعليم العالي والتربية في وزارة واحدة، وتجديد الدماء وكفاءات شابة، وكانت هدية الملك سلمان راتب شهرين، إضافة إلى العفو عن سجناء الحق العام، وتعديل سلم معاش الضمان الشهري.
إن المملكة العربية السعودية بقيادة الملك سلمان مقبلة على رسم ملامح مشروع كبير يضع المملكة في المكانة التي تستحق بصفتها بلاد الحرمين الشريفين التي تفتح قلبها للجميع، وتستمع بكل حواسها للجميع، فتوازن بين مبادئها العريقة التي قامت على أسسها، وبين مصالحها العاجلة والآجلة دونما حيد عن المثل والقيم التي طالما تبنتها ورعتها.
إن انتقال الحكم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بسلاسة وانتظام يُعدُّ دليلاً واضحًا بأن لدينا نظامًا لاستمرارية مسيرة الخير والعطاء، والأمن والاستقرار بعون من الله وتوفيقه. وكما كان عهد الملك عبدالله رحمه الله بداية مرحلة إصلاح إداري وإنجازات عظيمة، فإن عصر الملك سلمان سيضيف لها ويفتح آفاقًا جديدة للتطور والنماء، مستندًا لخبرة عميقة واطلاع واسع وبصيرة ثاقبة يحملها الملك سلمان الذي يُدرك حق الإدراك متطلبات العصر، والمخاطر الجسيمة التي تحيط بالأمة العربية في هذه المرحلة.
التشكيل الوزاري الجديد وخطة الطريق التي صدرت بها الأوامر الملكية في أول أسبوع من ولاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والعطاء المتدفق الذي أمر به، تُؤكِّد على استمرار النهضة التنموية، والهيكلة الجديدة لأجهزة الدولة سيكون لها صدى محلي ودولي لما تحمله من توجه إداري جاد يواكب العصر، ويضع المملكة في مصاف دول العالم الأول -بإذن الله تعالى-.
إنها باختصار قرارات إنسانية أشْعلت حماس الموظف والطالب والطالبة في الداخل والخارج وشمل -حفظه الله - الأندية الأدبية والرياضية بدعم سخيّ كرسالة تقدير لأدباء الوطن ومثقّفيه وتشجيع أبنائه الرياضيين ورياضة الوطن.
ولأن العمل الخيري حياته ومعاشه - وفقه الله - شمل ذوي الاحتياجات الخاصة ومستحقّي الضمان الاجتماعي براتب شهرين، ووجّه بإعداد دراسة عاجلة لرفع راتبهم الشهري وتحسين أوضاعهم.
كذلك السجناء وإطلاق سراح ذوي الحق العام وتسديد ديونهم، وكانت هناك لفتة حانية ورمزية للسجناء من المقيمين وتسديد ديونهم وإطلاقهم، ومن ثم ترحيل من يراه النظام يستحق ذلك.
ثلاثون أمراً وقراراً ملكياً وهذا أمر طبيعي وإعلان وفاء ومحبّة ورسالة من القائد الملهم الملك سلمان بن عبدالعزيز لأبناء شعبه بأنه معهم ولهم وانه لن يتوقّف أبدا عن متابعة هذه القرارات وتنفيذها خطوة بخطوة، وأنها بداية لقرارات أخرى تشمل كافة القطاعات الداخلية بكافة القطاعات والخارجية سفراء وسفارات، التي تحتاج لتغيير الدماء وتحريك دورها.
حفظ الله أمننا وبلادنا، ووفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، حفظ الله مملكتنا الحبيبة، وأدام عليها الأمن والأمان، والنعمة والاستقرار، ولله الأمر من قبل ومن بعد.