في زاوية الذاكرة.. بقيت معالم تلك الزيارة راسخة لم تمح ولم تبهت على مر السنين، زيارة اقتلعت قلبي وألقت به في غياهب الشقاء.
كيف لا؟!! وأنا أرى جسدك ممددا فوق سرير يحاكي لونه بياض وجهك الطاهر!
أحاول التحديق في تفاصيلك بعينين غائمتين لم تستطع تحمل هول ما أصابك فأطلقت العنان لمائها لينسكب علّه يخفف ألم الصدمة.
ما زال صوت الأجهزة يرن في مسمعي، وما زال مشهد الأنابيب المتصلة بجسدك ماثلا أمامي..
حاولت التجلد ولكن بلا جدوى، وانهرت أمام فكرة أنك لن تشعر بوجودي حولك،
دفنت كفي في كفك وأنا ألهج بالدعاء أن يشفيك الله عاجلا غير آجل، كانت شهقات بكائي تعلو مع إلحاحي بالدعاء، وأنا أضغط بأناملي على يدك وكأنك ستشعر بي وتفيق، ولكن هذا لم يحصل.
اشتد يأسي مع دوي صوت إعلان انتهاء وقت الزيارة، خرجت أجرجر ما تبقى مني، حاولت أن أبدو صامدة قوية ولكن شيئا من هذا لم يحدث بل زاد شعوري بالفقد مع كل خطوة أخطوها بعيدا عنك..
وبالفعل كانت الطامة عندما أعلنوا بعدها خبر رحيلك!.. رحلت وتركتني وحيدة.. تركتني طفلة أعاني ألم فقدك..
كبرت ولم أستطع التغلب على شعور الألم والاحتياج لك..
أبي.. ليس من باب القنوط والاعتراض على حكم الله وقضائه، ولكن اشتياقي لك فاق كل شعور..
ما زلت أبكي لفراقك، وما زال جرح رحيلك نديا، لم ولن يبرأ حتى أفارق هذه الدنيا وألحق بك تحت الثرى..
نوف إبراهيم عبدالرحمن الطويل - الوشم