واضح في القرارات الملكية الصادرة من لدن مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه نهاية الأسبوع الماضي أمور عدة أهمها في نظري:
* التخلص من البيروقراطية الإدارية المقيتة، التي تطيل مراحل اتخاذ القرار من خلال مروره بالمجالس والهيئات الأعلى التي جاء النص على إلغائها والاكتفاء بمجلس للشئون السياسية والأمنية ومجلس الشئون الاقتصادية والتنمية يرتبطان بشكل مباشر بمجلس الوزراء.
* الزج بالعقليات الشابة المتحررة من قيود بيروقراطية الأنظمة الحكومية القادمة من القطاع الخاص.
* توحيد مرجعية القرار ولا يعني هذا المركزية بالضرورة كما يتصور البعض.
ومن القرارات المهمة قرار دمج وزارتي التعليم «العالي والعام» في وزارة واحدة، فهذا قرار إستراتيجي مدروس جاء لمنح الجامعات مزيداً من الصلاحيات من خلال مجلس الجامعة، ولردم الهوة وسد الفجوة الواقعة بين العام والعالي، وللاستفادة من الكوادر الأكاديمية في إجراء الدراسات التطويرية للتعليم عموماً، وشغل الوظائف الإدارية العليا في الإدارات العامة.. ويتوقع كثير من الناس إلغاء السنة التحضيرية في الجامعات السعودية التي تم اللجوء لها مؤقتاً لعلاج مشكلة مدخلات التعليم العالي التي هي مخرجات مدارس التعليم العام، كما توقعوا إلغاء امتحان القياس والقدرات، والسماح لمنسوبي التعليم العام العلاج في المستشفيات الجامعية، وبما سهل الدمج الانتقال بين المؤسستين والحصول على ما قد يكون من بدلات ومميزات يحصل عليها عضو هيئة التدريس في الجامعة كتأمين السكن.
ولاشك أن الدمج قرار مفصلي وتاريخي ويسجل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وليس مستبعداً أن يصاحب تطبيق هذا القرار إجراء الدراسات الموسعة وعقد ورش العمل المتنوعة والمؤتمرات والندوات المتخصصة والاستفادة من التجارب العالمية التي سبقت، وفي الوقت ذاته التدرج المدروس وعدم الاعتماد على تجربة الصح والخطأ في قطاع يهم شريحة عريضة في المجتمع وله تأثيره المباشر على البطالة والتسرب.
ومعالي وزير التعليم الأستاذ الدكتور عزام الدخيل الذي نبارك له الثقة الملكية الكريمة وندعو الله عز وجل له ولمن معه بالتوفيق والسداد ونشد على يديه وهو يباشر عمله، قد يكون من الخطأ الكبير أن نقوله ما لم يقله معاليه، ونسبق أفعاله بل وحتى تصريحاته بما نتمناه مدعين أن هذا هو التوجه الذي سيكون، فأمنياتنا وإن كانت معقولة ومنطقية في نظرنا إلا إن الانتقال من حالنا التي نحن فيها إلى أخرى جديدة وذات صبغة مختلفة يحتاج إلى التريث والتمعن في الخيارات وعقد المفاضلات واختيار الحلول الإستراتيجية الناجزة والمقنعة والمعقولة وذات المردود الأكثر خيرية.
شخصياً عايشت كل التجارب التي مر بها التعليم العام والعالي بحكم تنقلي من عميد لكلية المعلمين إلى مدير للتربية والتعليم خاض تجربتي الدمج ثم الفصل والعودة مرة أخرى للدمج وكانت بصدق تجارب مريرة في الميدان التربوي فيها من الأخطاء والاجتهادات ما لم يستطع التعليم العام التخلص من تباعاتها حتى الآن، وبعد تأسس جامعة حائل كان مني العودة لها حيث كانت فصول حكاية ضم الكليات التابعة لوزارة التربية والتعليم للتعليم العالي، ومن هذه التجارب التي لا أتمنى أن تكرر كان لزاماً التأكيد هنا على أهمية إمضاء ستة أشهر قادمة على الأقل في سماع الصوت الأكاديمي والتربوي الموجود في كل شبر على أديم تراب أرض وطننا الغالي حتى يكون العمل المنجز مؤسسا للبقاء طويلاً ولخدمة هذا الجيل والأجيال القادمة بإذن الله، ودمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.