* الهزائم والخسائر والجولات الفاشلة السياسية منها والاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية والرياضية و... مؤثرة في حياة الأمم والشعوب والقادة، مرفوضة وغير مرغوبة على المستوى الشخصي والمجتمعي، وهي نتيجة طبيعية -بعد إرادة الله عز وجل ومشيئته- لتراكم ظروف، وتجمع معطيات، ووجود أسباب.
ومع تعدد أسباب الهزائم والنكسات وتنوعها فإنه يمكن الحديث -في مقال اليوم- عن:
* سبب داخلي: يتعلق بمدى امتلاك المهارات المطلوبة، والثقة بالنفس، والإرادة القوية، والنزاهة والسلامة من الفساد، والحكمة في القول، والرشد في الفعل، والتوازن في التصور، والشعور بالانتماء.
* كما أن من الأسباب ما هو خارجي: له ارتباط مباشر بتغير حال المنافس المنازل، أو الزميل المناصر، أو الظرف الطبيعي والكوني، وما إلى ذلك حسب المجال والحال.
نحن السعوديين عندما تحل بنا هزيمة، أو نتلقى خسارة ما في أي مجال كان، نجيد فن الإزاحة وإلقاء التبعات على الآخرين، محاولة منا لتبرئة الذات والانتصار للنفس... والإزاحات التي نمارسها إزاحات متعددة ومتنوعة منها:
* الإزاحة الزمانية: إذ نتحدث عن الماضي الجميل، أونعد بمستقبل أجمل، وقد نجري تعديلات بسيطة وتغييرات سريعة من أجل إسكات الغضب الداخلي أو الجماهيري، ولإشعار المجتمع بأننا جادون في طريق العلاج.
* الإزاحة الخارجية: وإلقاء تبعات الهزيمة على الطرف الآخر سواء أكان واضحاً بيناً، أم هلامياً مجهولا كالحظ أو الحسد والعين، وهذه وتلك شماعات علق كثير منا إخفاقاته الشخصية عليها منذ الصغر وما زال، فضلاً عن الإخفاقات المجتمعية المتعددة ذات الشماعات الذهبية المزخرفة.
الهزائم التي يمنى بها كل ما هو وطني من أشد الوقائع وأقسى النوازل التي يتفاعل معها الجمهور المتعطش لنشوة النصر، خاصة عندما يكون المجال ذا مساس بالشريحة العريضة في المجتمع، ودعمته ودفعت له وبذلت من أجله القيادة الراشدة والحكيمة الكثير من المال، ولذلك من الطبيعي أن يصبح الحديث عن هذا النوع من الهزائم أمراً مشاعاً للجميع، يخوض فيه ويرفع الصوت من أجله الكل بلا استثناء، وقد يَتَّهِم المتحمس والمتحفز للفوز ويجرح أشخاصًا بأعينهم حين يغرد ويكتب، وربما اقترح وصرح، كيف لا وهو يفصح من خلال هذا المشهد المتكرر هذه الأيام -كما يعتقد هو- عن حبه الحقيقي للكيان الوطني الواحد الذي حقه التميز والتفرد والتتويج بوشاح النصر.
حاولت الأيام الماضية أن أقرأ ردة الفعل الرسمية والشعبية التي يحكيها الإعلام المرئي والشارع السعودي جراء خروج المنتخب الوطني من المنافسة على كأس آسيا، وهو الذي كان يصعد منصَّات التتويج وينافس على البطولات ويسابق من أجل القمة، وهو الذي يغدق عليه المال ويمنح المحفزات والمغريات حين الفوز، حاولت.. فوجدت الإزاحة جاثمة في الذهنية السعودية بشكل كبير، الأمر الذي جعل التشخيص بعيداً في نظري عن صلب المشكلة، والحلول المطروحة بمنأى عن الداء، ولا يعني ذلك أنني المرشح لطرح الحل السحري والناجز، ولكن مثل هذه الأحداث ذات البعد الجماهيري تحتاج إلى:
- دراسات معمّقة.
- وقراءة متأنية.
- تحتاج إلى جدية في الطرح.
- وشفافية حين الحوار.
- ومن ثم رسم إستراتيجية وطنية متكاملة، ذات بعد تخطيطي مدروس.
- تحتاج إلى اكتشاف للمواهب، وتنمية للقدرات، وتدريب مستمر، ورعاية دائمة، ومتابعة مستمرة تبدأ مع الصغار وهم في المرحلة الابتدائية -كما سبق وأن طرحت في هذه الزاوية- حين خرج المنتخب من المنافسة على بطولة الخليج.
إننا في جميع مساراتنا التنموية نفتقد إلى:
- الخطط الإستراتيجية طويلة المدى.
- كما أن الدراسات المعمقة المتخصصة المدعومة لا ارتباط لها بمثل هذه الإخفاقات غير المتوقعة.
- علاوة على أن الكثير منا يعتقد أنّ هناك فصلا تامًّا بين مجالات الحياة المتنوعة التي نحياها، مع يقيني القاطع أن هناك صلة وطيدة بين الرياضة والتنمية البشرية والمادية «الصناعية منها والتجارية»، فضلاً عن الدور الكبير للرياضة إزاء الجريمة مهما كانت -وهذا محور الحديث في مقال الثلاثاء القادم بإذن الله- دمتم بخير وتقبلوا صادق الود وإلى لقاء والسلام.