من لا يعرف سلمان بن عبدالعزيز الإنسان؟ وسلمان بن عبدالعزيز الأمير؟ وسلمان بن عبدالعزيز الحاكم؟ وسلمان بن عبدالعزيز الملك؟ الذي لا يعرف سلمان بن عبدالعزيز في هذه المراحل النوعية في الحياة السياسية فهو حتماً لا يعرفه..
وقليل منا بل نادر من لا يعرفه في المملكة أو منطقة الخليج أو العالم العربي أو العالم بشكل عام.. فسلمان أصبح وعلى مر العقود الماضية مرافقاً وشاهداً لتاريخ المملكة وتطورها الحديث.. وقريباً بل أحياناً صانعاً لأحداث وطنية كبرى.. من كان ينظر حول ملوك الدولة السعودية سيجد سلمان في قلب القرار الملكي، ناصحاً مرشداً موجهاً مستشرفاً كثيراً من القرارات السعودية الوطنية..
تجربة الملك سلمان وهو أمير للرياض لخمسة عقود تعكس أفضل تجربة تنموية حقيقية لعاصمة عربية في القرن العشرين والحادي والعشرين، وكان بطلها هو أميرها الذي خطط وتابع ونفذ وطور كبرى المدن العربية مساحة وسكاناً وتنمية.. وأصبحت الرياض عاصمة وطنية بكل المقاييس عاصمة السياسة وعاصمة العرب وعاصمة الوطن. وإدارة مدينة وعاصمة كبرى مثل الرياض ولعقود طويلة هو أشبه بإدارة دول مستقلة في آسيا أو إفريقيا أو أمريكا الجنوبية، بما تحمله المدينة من تعقيدات الحياة وتنوع السكان وتعدد المطالب وامتداد المساحات إضافة للإرث التاريخي والعمق الجغرافي والخصوصية الدينية للعاصمة.
من يعرف الملك سلمان بن عبدالعزيز لا بد أن يعرف خبراته الإدارية الواسعة في هيئات ولجان وبرامج وأعمال استشارية عليا، إضافة إلى تقلده مناصب وزارية وعضوية مجلس الوزراء وولاية العهد والساعد الأيمن للملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقبله ملوك وأمراء كان معهم في صياغة السياسات العامة وصناعة أحداث الدولة وتشكيل اتجاهات المنطقة. فسلمان بن عبدالعزيز بشخصيته هو قصة الحدث التاريخي المستمر للدولة السعودية الثالثة، بما حمله ويحمله عبر ستة عقود من هموم وقضايا ومسئوليات الدولة والوطن. كان قريباً من القيادة، وقريباً من المواطن، وقريباً من مؤسسات الدولة، وقريباً من الصغير والكبير، وقريباً من أبناء وبنات الوطن، وقريباً من الإعلام وقريباً من الثقافة، وما يميز شخصية الملك سلمان هو قدرته على صناعة التوازنات الكبرى، وقدرته وحزمه في اتخاذ الحلول الصعبة، واستشرافه على المستقبل بعين أمينة وعقل سديد وفكر عميق.
هذا الإرث الكبير الذي يحمله الملك سلمان عبر عقود طويلة من الإنجاز والعمل المخلص والتفاني في خدمة الوطن والمواطن، والثراء في الخبرات والاحتكاك والزيارات المحلية والعربية والدولية والقراءات العميقة والاستلهامات التاريخية تشكل لنا في مجملها رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز في إدارة شئون الدولة وإدارة مسئوليات الحكم، ولقد كان سلمان شريكاً في القيادة قبل أن يتسلمها، وحامياً لأمن بلاده ووطنه قبل أن يتولى حمايتها، وكان كاتماً لأسرار الدولة، أميناً على مقدراتها، حريصاً على أمنها واستقرارها، وها هو الملك سلمان بن عبدالعزيز يتسلم مقاليد السلطة ويتولى شئون الحكم، وهو يحمل تراكمات هائلة من الخبرة والفكر والإدارة والتجربة الوطنية والتواصل الدولي..
وما يميز شخصية الملك سلمان وربما عن كثير من غيره هو اختياره شخصياً لرجاله الذين يقودون مشروعاته التنموية، واختياره لرجال ينفذون رؤيته الوطنية، وهذه الاختيارات ليست مبنية على سير ذاتية وأوراق وتعريفات وظيفية وشهادات علمية، بل هي فوق ذلك مبنية على معرفة هولاء الرجال معرفة شخصية أو معرفة إدارية أو معرفة مهنية، وبناء على ذلك وقع الاختيار على أشخاص يعينونه في خدمة هذا الوطن ويساعدونه في تقصي احتياجات المواطن، ويلبون له طموحات التطوير والنماء والازدهار والتنمية في ربوع المملكة وفي كافة مناطقها. والذي نعرفه كذلك عن الملك سلمان هو إعطاؤه صلاحيات العمل والإدارة لهؤلاء الأشخاص الذين يكلفهم بأعمال ومسئوليات، ولكن الذي نعرفه كذلك أن الملك سلمان سيكون قاسياً على من لا يعمل ولا ينجز ولا يخدم وطنه وأمته، وإذا لم تترجم الصلاحيات والإمكانات التي يمنحها الملك لهؤلاء الأشخاص إلى برامج عمل ومشروعات وطنية يستفيد منها المواطن، فلن يبق ذلك المسئول يوماً واحداً في عمله سواء كان وزيراً أو مستشاراً أو مسئولاً أي كان ذلك الشخص.. هذه هي «الإدارة بالمتابعة» كما تعودناها وسنتعودها في مدرسة سلمان بن عبدالعزيز أميراً ووزيراً وولياً للعهد وملكاً.. أن مفهوم «الإدارة بالمتابعة» الذي جربه سلمان بن عبدالعزيز مع كثير من المسئولين هو أحد أهم النماذج الناجحة لإدارة شئون التنمية التي استحدثها خلال العقود الماضية في إدارته لإمارة منطقة الرياض وهي كبرى الوحدات الإدارية والجغرافية في المملكة وعلاقاتها مع مختلف الأجهزة التنفيذية في الدولة.. وقد أثبتت نجاحاً كبيراً، وهذا هو النموذج الذي سيسير عليه الملك سلمان - كما نتوقع - في إدارة شئون الدولة والحكم..