من يتمنى منكم أن يكون مدربا للمنتخب السعودي؟
لا أحد.. فكرسي مدرب المنتخب السعودي كرسي ساخن جدا لا يبقى عليه أحد فترة طويلة.. وقد أشار المعلق القدير والمميز فهد العتيبي في تعليقه على احدى مباريات المنتخب السعودي
في كأس آسيا إلا أن كرسي المدرب السعودي يشبه كرسي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في الضغوطات التي يواجهها من كل ناحية.. واتفق معه على هذا التشبيه الدقيق الذي يعكس عدم الرضا المستمر عن كرسي المدرب السعودي وعن الرئيس الأمريكي.. وهما كرسيان ساخنان دائما لا يستطيع البقاء عليهما أحد بارتياح لفترة طويلة، ولربما هذا ما دعا المؤسسة الأمريكية أن تخترع كامب ديفيد كمنتجع يذهب إليه الرئيس الأمريكي للتخفيف عليه من وطأة وضغوطات كرسي الرئاسة..
ولأول مرة ربما في تاريخ التدريب العالمي يقال مدرب وفريقه متصدر الدوري كما فعل النصر مع مدربه السابق كانيدا.. كما أنه لأول مرة يقال مدرب لمنتخب وطني ولم يخسر إلا مباراة واحدة.. هذه هي الحياة التدريبية لكرة القدم السعودية، وهي تسجل أرقاما قياسية في الإقالات «المشرّفة» على مستوى العالم.. فيشرفني لو كنت مدربا أن أقال وأنا متصدر أحد أهم الدوريات في الشرق الأوسط؛ فهذا شرف كبير لي.. وسأكون في منتهى السعادة أن أقال وتاريخي التدريبي يشير إلى هزيمة واحدة فقط على مدى طويل قد يمتد إلى حوالي العامين..
ومن المؤسف أن اتحاد كرة القدم السعودي يبحث قبل استحقاق دولي كبير ككأس آسيا عن مدرب يقود منتخبه إلى هذه البطولة المهمة جدا للمنتخب السعودي كما هي لباقي منتخبات القارة.. يبحث عن مدرب ولا يجد.. بحثوا في كل القارات من أمريكا الجنوبية إلى آسيا إلى أوروبا ولم يجدوا مدربا يأخذ منتخبا قبل البطولة الآسيوية بأقل من شهر.. ولولا موافقة إدارة نادي الأهلي الإماراتي على إعارة السيد كوزمن لما وجد الاتحاد السعودي من يدرب منتخبه.. ونحن هنا نقصد أن يتوفر مدرب بمواصفات عالمية يستحقها منتخب المملكة..
لقد اكتشفت من خلال مجريات المنتخب السعودي والبحث عن مدرب خلال العشر سنوات الماضية وتعاقب الكوادر التدريبية والإقالات المتكررة أننا شعب لا نحب الصبر كباقي شعوب العالم، فنريد أن تكون أمورنا في كل شيء بما فيها الرياضة وفق معادلة «كن فيكون».. هذا هو واقع معاش في كثير من أمورنا في المجتمع السعودي، ولم نتعود مثل باقي الشعوب على استيعاب الدورات الطبيعية للأشياء، حيث إن لكل عمل أو وظيفة دورة طبيعية لا بد أن تأخذ مجالها ومداها الطبيعي.. والتدريب هو أحد هذه الوظائف التي تحتاج إلى دورة طبيعية يجب أن نقبل بها..
والمشاكل الرئيسة التي نواجهها في موضوع المنتخب السعودي عديدة، ومن أهمها:
1. دائما نستعجل النتائج، ونريد «ولد يقرأ» كما يقول المثل الشعبي، وليس لنا تقبل الانتظار مهما قصر هذا الانتظار.. ولدينا جمهور سعودي يستعجل كل شيء سواء كان جمهور ناد أو منتخب..
2. مشكلة الإقالات المتكررة تخلق مزيدا من المشاكل وتعيق تحقيق أي نتيجة.. بل هي التي تضاعف من مشكلة الأداء وحصد النتائج الإيجابية للمنتخب، لأنها تلغي تراكمية الخبرة التدريبية..
3. تكلفة فواتير «الخلع» التدريبي مكلف جدا لاتحاد كرة القدم، ومعظم ميزانيات الاتحاد هي تعويض للشروط الجزائية للمدربين.. وقد تابعنا حيرة الاتحاد السعودي عندما أراد التخلص من مدرب عالمي سابق ريكارد ولكنه لم يكن يملك قيمة الشرط الجزائي الذي يجب أن يدفع لذلك المدرب..
4. قدرة تحمل ليس المدرب ولكن الاتحاد السعودي ضعيفة أمام الضغوط الإعلامية والشعبية على المنتخب، ولهذا تأتي ردة فعل الاتحاد متماهية مع الضغوط، ورضوخ الاتحاد لهذه الضغوط هي محاولة يائسة من الاتحاد لرفع اللوم عنه والتظاهر بروح المبادرة، ولهذا فأول ما يفكرون فيه هو التضحية بالمدرب، وما يتبع ذلك بطبيعة الحال من تضحية بالخبرات التراكمية في التدريب، وتصبح عملية التغير هي بالناقص دائما في حساب المنتخب السعودي..
وأخيرا فإننا نعلم أن الجمهور الرياضي السعودي متعطش للبطولات وخاصة بعد أن تعود عليها خلال فترة عقدين من الزمان في الثمانينات والتسعينات الميلادية، ولكن ينبغي أن يدرك هذا الجمهور أنه ليس بالضرورة أن تكون الحلول دائما هي استبدال المدرب، فإذا كانت هناك أخطاء معينة في المنتخب أو إخفاقات جزئية فيجب إدراك أن هذه الأخطاء لا يجب أن تصحح من خلال تغيير المدربين، بل من خلال أن يقوم نفس المدرب بتصحيح تلك الأخطاء والبناء على الخبرات التي تراكمت من خلال اللاعبين أو من خلال التجارب السابقة للمدرب والمنتخب.. وكل كأس آسيوية وانتم ونحن بخير..