تعب الزمن، فاتكأ، أسند رأسه على جدار القدر،
تعب العمر...
سئمت الحضارة أمجادها، مات قائدها..
اقتنع العالم بمفهوم اليتم، رحل والدها.
لم يدفن الجسد الطهور بل دفنت مآثر الحياة مظاهرها.
أخرجت السعودية أثقالها، لا طاقة لها.
بكى المرض وتمنى لو يمرض، وانتحب الكبر وتمنى لو يكبر، ولا يحل في عمر رجل عاش في التسعين شبابا،
العاهل الراحل الذي ملك العالم بابتسامة،
القائد الوالد الذي عقد القلوب بلا مجلس ولا قرار بل بحكمة وطيب كلمة.
الرائد السائد الذي ما سعى لقتال ولا عداء، بل لإخاء وسلام،
العاهل الإنساني، والأب الروحاني، والملك القلبي، تفنى الألقاب، وتعجز اللغة، وتخوننا الكلمات، ما كان حديثاً يفترى،
كانت عبرات الألم، ونحيب العمر، وفزع الساعة التي أعلنت فيها خبر انتقاله للباري، بمثابة جهاد على النفس والحياة،
لقد انتزع من على أكتافنا (البشت) الذي حمانا وآمننا في وطننا ودارنا، لقد أغمضوا عينيه عنا، فلا جفن سهير لا نخشى بعده تربصاً ولا نكاية ومكاء.
ألا عبدالله، لله البقاء، ولك في قلوبنا كل الوفاء.
ألا أبا متعب، والعمر بعدك حزين متعب.
يلهث حتى يصل مجدك، مجد بنيته بلين وبسمة وصدق كلمة.
أملت (عقالك) تسامحاً فمالت لك كل الشعوب قاصيها ودانيها رضا وخضوع.
وحدت القلوب قبل توحيد كلمة الأمة، علمتنا أن الحب يبني الحضارة، وأن التسامح يقيم مجداً، وأن عفوك أرهق حاسديك والماشيين خلفك حقداً وأن شانئهم هو الأبتر.
عزاؤنا بأنك في القلب حي لا تموت، وأن الألسنة لا تفتأ تدعو لك، لا يموت من له ذكر في الأرض كيف إن كانت الأرض كلها تذكره.
إلى جنات النعيم وحسنت مصيرا.
- شريفة يوسف