عندما يكون الهدف واضحاً منذ البدايات الأولى، وخريطة الطريق مرسومة منذ تلك البدايات تستمر القافلة في المسيرة، بنفس الخطى أو بأسرع، نحو نفس الهدف المنشود.
الهدف حُدِّد منذ التأسيس الأول على عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيَّب الله ثراه - نحو المزيد من العلم والمعرفة، والمزيد من العمران والاستقرار والمزيد من الحصانة الذاتية والمكانة الحضارية المرموقة. ملك المملكة العربية السعودية الجديد، خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، واكب المسيرة منذ بداياتها وشارك عملاً وتوجيهاً في تطبيقها وإنجاحها، فهو الآن الرقم الأول في الوطن، وقد عركته المسيرة الطويلة وامتحنته بما مرت به من بدايات الفقر والجهل والتعامل مع التضاريس والظروف القاسية، جغرافياً واجتماعياً، حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من استقرار أمني ونهضة عمرانية وتصاعد مبهج في الكفاءات الوطنية في كل المجالات وفي كل المناطق، وبتشارك من المكونين للسكان، الرجل والمرأة.
لم يعد بإمكان أحد أن يقول لو كان كذا، لأصبح هكذا، فالمسيرة أثبتت نجاحها، ولم يعد في منطق الأشياء والظروف والمقارنات سوى الإصرار على الاستمرار، على نفس النهج ونحو نفس الأهداف.
تأكد الآن أكثر من ذي قبل، بعد الانتقال المرن والمطمئن والمريح للمسؤولية، أن الطريق كان واضحاً وصحيحاً، ولا يترك مجالاً للمزايدات، بقدر ما يترك كل المجالات مفتوحة للبحث عن المزيد من التشبث بالمنجزات والإضافة عليها، كل فرد حسب إمكاناته وطاقاته.
ترك المؤسس الكبير بصمته القيادية والمنهجية، ليتعاقب أبناؤه من بعده على التمسك بها، والتجديد والإضافة حسب متطلبات العصر والظروف الداخلية والإقليمية والدولية.
جلالة المغفور له الملك سعود بن عبد العزيز أنجز مهمة التجديد في العمران الحديث والتعليم الجامعي وتعليم البنات والتعليم المهني وتشييد الوزارات، والمؤسسات الحديثة ومشروعات الري والصرف والبداية في بناء السدود وإرساء اللبنة الأولى لحقوق العمل والعمال، والانطلاقة الضخمة العلمية الأولى في البعثات الخارجية.
جلالة المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز حصَّن الوطن ضد التقلبات والعواصف السياسية وأسس للتضامن الإسلامي كمطلب ملح أثناء تلك التقلبات، وفي عهده وصل التثقيف والترفيه التلفزيوني إلى البيوت واستقرت الأمور المالية وارتفعت المكانة السياسية والمعنوية للوطن بين دول العالم.
فترة حكم جلالة المغفور له الملك خالد بن عبد العزيز تركت بصمة الرخاء المادي وانتشار المعمار السكني الحديث في المدن والقرى، والتوسع في المستشفيات والمؤسسات الصحية الحديثة.
فترة حكم جلالة المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز نقلت المملكة العربية السعودية نقلة نوعية في مجال الطرق والمواصلات والجسور والمطارات الضخمة، وفي فترة حكمه تم التعامل بما اقتضته الظروف مع التهديدات الأمنية، وتحييد أخطارها، مع الاستمرار في التوسع العمراني والرخاء المادي الذي كانت بداياته في عهد أخيه الملك خالد.
أما في عصر الملك الذي ودَّعناه قبل أيَّام، المغفور له عبد الله بن عبد العزيز، فقد شهدت البلاد ازدهاراً علمياً وحقوقياً وثقافياً شعت أنواره على كافة الدول العربية والإسلامية، وحصلت المرأة السعودية على قسط مستحق من حقوقها المعنوية والمادية، وشهد التعليم الجامعي توسعاً كمياً ونوعياً كان من قبل في عالم الأحلام، وبلغت أعداد الابتعاث العلمي إلى الدول المتقدمة أرقاماً فلكية، وحدث تجديد نوعي وكمي في القضاء والمحاكم وانفتاح إِنساني مبهج على الحوار وتبادل الآراء وتصفية الشوائب والرواسب من الأنفس المتوجسة، وأوصدت الأبواب دون محاولات الاصطياد بمختلف الذرائع بوسائل تعكير المياه.
والآن أصبحت قيادة القافلة في يد قائد حكيم محنك جسور حازم، عاصر صعوبات البدايات حلوها ومرها، وشارك في حلول كل العواصف والخضات التي اعترضت المسيرة وعجم أعواد الجميع من الأطياف السكانية في الوطن، وكان منذ شبابه المبكر خير سند وأقوى عضد لكل من حكموا البلاد قبله.
ملك بهذه المواصفات وبهذه الخبرة الطويلة وبهذا الالتزام الصارم بأمن الوطن ومصلحة المواطن، لا يترك مجالاً للشك في أنه سوف يضع بصمته الإيجابية الخاصة الكبرى في وطنه، المتوقعة منه والتي هو أهل لها.
أطال الله في عمره ومتَّعه بتمام الصحة والعافية ووفَّقه إلى ما فيه خير القيادة والبلاد والعباد.