بعض الحزن لا تسعفه الكلمات.. وبعض النزف لن تضمده عبارات المواساة.. وليس لوقفه إلا الزمن حين يمضي ثقيلاً.. نظن حينها أن الجرح شُفي.. والحقيقة أن التعود على إيقاع الحزن وهمٌ تكذبه تجاعيد اللوعة.. حين تترك على وجه التاريخ ندبة تذكرنا بالراحلين فجأة.. قبل أوان البوح.. وفيكَ كان المصاب يا خادم البيتين.
قضيت مرحلتك ملكاً ما بين أعداء الشمال والجنوب.. وفتن كلما أحيتها منابر الشياطين سحقتها مسيرتك الأصعب.. نعلم جيداً أن جراح الوطن كثيرة.. وندرك أن الثعالب تنتظر غفوة العقل لتفتك بنا.. ونؤمن أن الكمال أُسطورة الخونة.. يعدون بها البسطاء.. ويستغلون منافذ التقصير.. ليتغلغلوا داخل نبض الغضب.. هدفهم قلب الوطن.. وهوان القلب يبدأ من زرع الشك والارتياب.. ليأكل الجسد نفسه بنفسه.. والثعالب تراقب وتنتظر لحظة الانهيار لتهجم.. ولسوف يطول انتظارها.. فهذا الشعب الطيب.. يعلم يقيناً أن الوطن لا يدار بيد الغريب.. وليس لأحدٍ أن يدعي العدل والإنصاف والخير.. وفي ذات اللحظة يغرس نميمته الرخيصة بين البشر.. ففي وطني نودع ملكاً ونستقبل آخر ونحن ندرك أن الخير يأتي فقط إذا غابت الفوضى السياسية.. وبرغم هذا الحزن الكبير.. سنكون بخير.. ونبقى صفاً وحداً في سبيل الوطن.. فالإصلاح طريق وعر وغامض.. يدخله الكثير متحدين.. وتفرقهم الأهداف والنوايا.
رحمك الله يا والدنا الحبيب.. وأعان الملك سلمان وسدد خطاه.. ولك يا وطن سنبقى الأبناء البررة.. نحميكَ صبراً.. نذود عنك علماً.. نفديك عطاءً وبذلاً.. ونحتضنك حباً.. كلنا لك أبناء.. لن يفرقنا مكان أو مذهب.. خيرك قسمة بيننا.. ولسوف يحتار فينا الغريب والصديق والعدو.