منذ تشرفي بأول لقاء لي بالأمير - الملك - سلمان بن عبد العزيز قبل أكثر من أربعين عاماً، ثم قربي منه في الداخل والخارج، لم أكن أنظر إليه في أي يوم إلا أنه أمير بمواصفات ملك، وملك بمواصفات زعيم، وأنه قبل الإمارة والملك والزعامة هو مواطن بامتياز.
***
الملك سلمان يحمل قلباً أبيض نقياً، ونَفْساً أبية مخلصة، دون أن يتساهل في مسؤولياته، أو يتخاذل في عمل أُسند إليه، أو يؤخر عمل اليوم إلى الغد، تعودت نفسه منذ بواكير شبابه على أن يكون أول الموظفين حضوراً للدوام، وآخرهم انصرافاً منه، لكن ما يلفت النظر أكثر التزامه بمواعيده المخصصة للمراجعين من المواطنين والمقيمين، وفي المناسبات الخاصة والعامة.
***
الملك سلمان رجل منظَّم في وقته، وعمله، وعلاقاته، وتعامله مع مسؤوليات الوظيفية، وظل موضع ثقة كل ملوك المملكة، بدءاً من سعود، مروراً بفيصل وخالد وفهد، وانتهاء بعبدالله - رحمهم الله جميعاً - فهو رجلٌ عظيم في حكمته ورؤيته وشخصيته الشجاعة؛ فكان أن اصطفاه كل هؤلاء الملوك إلى جانبه، ومنحوه ثقتهم.
***
كان الملك سلمان - ولا يزال - يتميز بعلاقاته المتميزة بالمواطنين، يعرفهم واحداً واحداً من أول لقاء، ولا ينسى أحداً منهم في اللقاء الثاني. يزور المكلوم من المواطنين في بيته لتعزيته، ويعود المريض في مشفاه، ويتقبل دعوات كثير من المواطنين لتناول طعام العشاء في منازلهم؛ لأنه يجد في مثل هذه المناسبات فرصة للقاء ببعض وجوه المجتمع ورجال الأعمال والمثقفين، والمتعة في تبادل وجهات النظر معهم.
***
ما يميز الملك سلمان أنه رجل واضح وصريح، ويعرف معادن الرجال وتوجهاتهم قبل أن يُكملوا كلامهم؛ فلديه فراسة عجيبة، مصحوبة بذاكرة قوية، وحكمة لا تجارَى، لكن أحداً لا يخرج من مكتبه أو مجلسه إلا وعين الرضا على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان أقوى مما كانت عليه قبل اللقاء؛ لأنه يملك أسلوباً بارعاً في الإقناع، وأريحية في الكلام، مع أنه ملك مهاب.
***
لسلمان الأمير قبل أن يكون ملكاً خاصية أخرى؛ فقد عوّد عامة الشعب وخاصتهم على تحديد يوم لهم في الأسبوع للقاء بهم، وتناول العشاء معهم في قصره العامر، مع أن وقته مزدحمٌ بالاجتماعات والمناسبات والأعمال التي لا يقدِّر حجمها إلا من تعامل مع هذا الملك العظيم، وهذه تنم عن طبيعة إنسانية معطاءة في ملكنا الجديد.
***
شهادتي بالملك سلمان مجروحة، وربما ينظر إليها البعض على أنها عاطفية، وهذا استنتاج غير صحيح، وليس في محله؛ فأنا لم أجامله في شيء مما أشرتُ إليه، بل إن كل مواطن يعرف عنه من السجايا أكثر مما ذكرتُ، بل إن أعماله وإنجازاته وتفاعله مع مواطنيه ومع وطنه تتحدث بأكثر مما يمكن قوله في عجالة كهذه.
***
نحن نشعر بالاطمئنان؛ لأن الراية انتقلت من أمين إلى أمين، ومن كفاءة إلى أخرى، ومن عبد الله إلى سلمان، بما لا يثير أي خوف أو تخوف على مستقبل الوطن والمواطن؛ فمسيرة النجاح والتطور والاستقرار تتواصل وتستمر مع مدرسة الملك عبد العزيز، ممثلة بالملك سلمان ومَنْ سبقه من الملوك؛ فعبدالعزيز علَّم أبناءه أن الحكم يقوم على العدل، ويعتمد على الكفاءة، ويستمد نجاحه من الدروس التي تعلموها منه، والتزموا بتطبيقها.