كثيرون راهنوا على أنَّ المملكة سوف تواجه أزمة اقتصادية مع الانخفاض الحاد في إيرادات المملكة من بيع بترولها في ميزانية العام الجديد 1436 - 1437هـ، بسبب تدني أسعار البترول في السوق البترولية العالمية، ووصولها إلى مستويات من الانخفاض لم يكن أحد يتوقعها، غير أن صانع القرار السياسي والمالي والاقتصادي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كان له رهان آخر، وقد أفصح عنه من خلال كلمته وارقام الميزانية التي صدرت بمرسوم ملكي منه.
***
ما أعنيه أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومنذ توليه سدة الحكم وهو يتعامل مع الأرقام المالية بحذر ورؤية صحيحة، ويوظفها بشكل مثير للإنتباه وكأنه يحضِّر بلاده لمواجهة قوية منه أمام مخاطر تدني أسعار النفط في المستقبل، من خلال قرارات تجعل من آثار وتداعيات هذا الانخفاض في أسعار البترول دون تأثير سلبي في برامج الإنفاق على مشروعات التنمية والتطوير، إلا بالقدر الذي تمر فيه كما تمر العاصفة.
***
وما أعنيه أيضاً، أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتبع سياسة مالية مبرمجة ومتوازنة، بطريقة مكنتها من التعامل مع أي تذبذبات في أسعار البترول ومعالجتها بشكل واقعي ومتوازن، من خلال استثمار الأسعار العالية التي شهدتها السوق البترولية العالمية في السنوات الماضية، بما مكن الدولة من تقديم ميزانيات لبت طموحات المواطن السعودي، وسمحت لوزارة المالية بالإنفاق على التنمية بشكل غير مسبوق.
***
وما أعنيه ثالثاً، أن هذه السياسة المالية الرشيدة للملك عبدالله استثمرت العائدات المالية الضخمة في إطفاء ديونها والتزاماتها المالية لدى الغير من الاحتياطي النقدي الكبير، فجنَّبت الدولة من مخاطر خدمة هذا الدين الذي كان كبيراً، ووجهته لصالح المواطن بتحسين الخدمات المقدمة له، وتنفيذ الكثير من المشروعات في جميع مناطق المملكة، وأمامها الآن فرصة لاستمرار هذا النمو الاقتصادي - كما قال الملك - مدفوعاً بنشاط القطاع الخاص، واستمرار تعزيز التكامل بين القطاعين العام والخاص.
***
وما أعنيه رابعاً وأخيراً، أن المملكة توسعت في إقامة المشروعات لخدمة المواطن باستثمار إيراداتها من البترول بشكل مكنها من ابتعاث أكثر من 170 ألف طالب وطالبة، وزيادة عدد الجامعات من ثماني جامعات إلى حوالي ثلاثين جامعة، وعمل توسعة للحرم المكي بما يعادل ضعفي كل التوسعات التي تمت قبل عهد الملك عبدالله، وبناء المدن الصحية والرياضية، وإدخال المترو والقطارات داخل المدن وبين المدن ضمن منظومة المشروعات التنموية الطموحة ، وغير هذا كثير.
***
هذا يجعلني أقول: إن رهان الملك عبدالله هو الذي نجح وينجح دائماً، بينما رهان الآخرين هو الذي لم يقرأ أفكار وسياسات هذا الملك العظيم، ولهذا قدرت ميزانية العام الجديد بمبلغ ثمانمائة وستين مليار ريال رغم انخفاض أسعار البترول، لتؤكد أن هذه البلاد تملك الرؤية الصحيحة لبناء مستقبلها، كما فعلت مع حاضرها، وهي برجالاتها من ولي العهد إلى ولي ولي العهد إلى وزير المالية وبقية الرموز من وزراء وخبراء ومستشارين قادرة على أن تبقى خارج ملعب المراهنات والتخرصات.