بعد نشر مقالي (خالد الفيصل يمثلني) في الأسبوع قبل الماضي، وصلتني الكثير من الرسائل والاقتراحات التي يطالب أصحابها بايصالها إلى أمير التربية والتعليم خالد الفيصل ورجاله الأوفياء، كانت هناك أصوات عقلانية تكتب من منطلق مسؤولية اجتماعية وحرص وطني واضح، وهذه الأصوات هي الثروة الحقيقية لكل كاتب، وهي التي تنسيه إحباط الأصوات الأخرى التي لا هم لها سوى إثارة البلبلة ونشر التوتر، كانت هناك أصوات تطالب المسؤولين في التعليم بالقضاء على مشكلة الحفظ ووضع مناهج تعتمد على فهم الطالب لا حفظه، وهذه مشكلة أزلية يعاني منها التعليم السعودي،
بل ربما التعليم العربي بشكل عام، حتى وصلنا لمشكلة تعليمية معقدة وهي وجود الملايين من خريجي المدارس يجدون صعوبة قصوى في الاندماج في الحياة الجامعية نظراً لوجود فرق كبير جداً بين المرحلتين، حتى أن بعض الطلاب يبدأ متفوقاً وعند دخوله الجامعة يجد نفسه غير قادر على النجاح لتصبح له الجامعة كابوساً يستحيل تجاوزه، هذا غير الخلل الذي يعتري التعليم الجامعي المتمثل في بعده الكبير عن تلبية احتياجات سوق العمل وتركيزه الكبير على إشباع الجانب النظري وإهمال الجانب العملي حتى تصبح الشهادة الجامعية مثل شهادة نظرية مبدئية تضطر معها الجهات التي توظف الخريج لتدريبه وتدريسه من جديد لسد نقص الجانب العملي لديه وجعله موظفاً ملائماً لاحتياج سوق العمل، لنجد لدينا مشكلتين أزليتين تعيقان العملية التعليمية في السعودية -من وجهة نظري- وهما: مشكلة الاعتماد على الحفظ وهدم الفهم في المدارس، ومشكلة الاعتماد على الجانب النظري وهدم الجوانب الأخرى في الجامعات، ولا أعتقد أن هاتين المشكلتين عصيتان على الحل، خصوصاً أن هناك دولاً كثيرة لا يعاني تعليمها من أي مشكلة يمكن الاستعانة بخبراء منهم، مع أن أمر القضاء على مشكلة الحفظ لدى الطالب السعودي وتطوير الفهم لديه يتضمن في قرار واحد يركز على منع وضع أسئلة تطلب من الطلاب إجابات مقالية وحصر الأسئلة في الإجابات المعتمدة على فهم الطالب والتي هي منحصرة فقط في (الخيارات والصح والخطأ) مع اقتراح إدخال اختبار واحد خلال الفصل الدراسي يعتمد على إدخال الكتاب لصالة الاختبار (اختبار الكتاب المفتوح)، والمنع النهائي لأي أسئلة تطلب من الطالب أن يكتب في ورقة الإجابة غير معلوماته الشخصية، لا بد من وقفة صادقة وجادة في مواجهة مشكلة نقص الفهم في العملية التعليمية والاعتماد الكلي على طاقات التلاميذ في الحفظ وتنمية مهاراتهم في هذا الجانب، وهذا واقع مهما حاولنا تجميله يظل عائقاً أساسياً يجعلنا في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه تسمية الوزارة بوزارة التربية والتحفيظ بدلاً من وزارة التربية والتعليم!