لا تزال النزعة التوسعية المستمرة للنفوذ الإيراني في العالم العربي تشكل تهديداً للعلاقات - الخليجية الإيرانية -، وللعلاقات - العربية الإيرانية - بوجه عام، وعندما نؤكد على أهمية التصدي للمشروع الإيراني، والعمل على كشف أبعاده، فإن ذلك يتطلب التعامل الإجرائي مع الإدارة الإيرانية،
باعتبار أن مواقفها تندرج ضمن دائرة الشبهة، والخطأ، والرفض، - وبالتالي - فإن مشروعها، والكم الهائل من الاعتداءات الإيرانية، يعتبر الأكثر خطورة على أمن المنطقة، ومستقبل أجيالها.
طبيعة السياسة الخارجية الطائفية لإيران جعلت من التوتر في المنطقة العربية أكثر استفحالا، فالواقع العملي في السياسة الإيرانية الخارجية جرى ضمن سياسات مشبوهة إلى حد بعيد. وتأمل على سبيل المثال لا الحصر: كيف أن النفوذ الإيراني في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، والبحرين، - إضافة - إلى إصرارها على الاحتفاظ بالجزر الإماراتية الثلاث، والتي استولت عليها منذ عام 1971 م، جعلت منها رقما صعبا نحو ازدياد التهديد المتنامي لدول المنطقة؛ لتحقيق مشروعها التوسعي، وفق أيديولوجية قومية ضيقة، لا يختلف في طبيعته، وأهدافه الاستعمارية، عن باقي المشاريع الاستعمارية، التي شهدتها بعض دول العالم.
ثم إن نقاط الصراع، وتضاد المصالح بين أطراف المعادلة، كمشروع نشر الفوضى، والفتنة الطائفية تحت شعار « تصدير الثورة الإسلامية «، والتعبير عن طموحاتها التوسعية غير المشروعة، كما عبّر عنه نائب قائد الحرس الثوري الإيراني - الجنرال - حسين سلامي - قبل أيام -، بأن: « وجود جيوش شعبية مرتبطة بالثورة الإيرانية في العراق، وسوريا، واليمن ، يبلغ حجمها أضعاف حزب الله في لبنان «، - إضافة - إلى تجاوزها أزمة مشروعها السياسي الراهن، وتشجيع نزعة العنف، وزرع الاستقطاب الطائفي، وتصعيده، ونشر صناعة الجريمة، وثقافة القتل، يخدم في نهاية المطاف المشروع الإيراني.
لا أبالغ إن قلت: إن السياسة التي تمارسها إيران عبر تدخلاتها السافرة في دول المنطقة، والمغلفة بشعارات الإصلاح الديني، مكنتها من رسم سياستها، ومواقفها الخارجية على نحو ما هو غير معلن؛ لكنها لن تقودها إلا إلى خسائر إستراتيجية في مستقبل الأيام القادمة، فلا مشروعها الاجتماعي، والسياسي يتسم بعناصر التقدم، بل يتناقض جذريا مع منطلقات المنطقة العقائدية، وبرامجها السياسية، وتلك حقيقة موضوعية، لا يمكن القفز عليها، أو التغاضي عنها. - وبالتالي - فإن مبدأ عدم التدخل، واحترام الكيانات الوطنية، وسيادة سياساتها، مطلب مشروع. وهذا الأمر سيتطلب إستراتيجية شاملة، وذات رؤية واضحة؛ للتعامل بشكل واضح مع الأطماع الإيرانية، - خصوصا - علاقاتها الإقليمية مع دول الخليج العربي، والتي تعتبر القوة الموازنة لمعادلة الصراع الإقليمي.