تعامل الإعلام الفرنسي سريعاً تحت عنوان محاربة الإرهاب وعدم تقسيم الأمة الفرنسية, لمواجهة تداعيات الهجوم على صحيفة (شارلي ايبدو) الباريسية التي لا نتفق مع طروحاتها ولا نقبل إساءتها للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومشاعر المسلمين، تحركت القنوات الفضائية والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، بل إنها شاركت في متابعة المنفذين، ومدت الشرطة بالمعلومات عن تحركاتهم مع التزام السكان بتعليمات الشرطة، هذه من الحالات القليلة التي يدخل الإعلام في الأحداث مباشرة ويسبق أجهزت المباحث والتحري عبر كشفه عن معلومات المنفذين، كما أنها المرة الأولى التي يقود التواصل الاجتماعي الأجهزة الأمنية في بعض مراحلها إلى خط سير المعتدين، وأيضاً عمل التواصل الاجتماعي على الانضباط في البيوت وتفريغ شوارع الضاحية للأجهزة الأمنية.
من جانب آخر سبق الإرهابيون الأجهزة الأمنية الغربية والأمريكية عندما كشفوا عن أنفسهم أثناء التنفيذ بتعمدهم وضع الهوية في السيارة التي هربوا بها وتم إبلاغ صاحب السيارة أنهما تدربا في اليمن، وأثناء المفاوضات قاما بعملين هما: إبلاغ الفرنسيين بأنهما لا يريدان التفاوض، بل الموت، وخرجا من المصنع بلا رهينة للقتال والموت أي هما من بدأ بالقتال بأجسام عارية من أجل الموت ولا غيره وهنا تكمن المخاطر, وهي على النحو التالي:
أولاً: الإرهابيون هدفهم الرئيس والوحيد قتل قيادات صحيفة شارلي ايبدو، وقتل أكبر عدد من العاملين الفاعلين لتدمير الصحيفة.
ثانياً: المنفذون لا يريدون مفاوضات، لديهم مهمة واحدة ثم الموت لا يحملون مطالب ولا شروطاً، هدفهم حققوه فهم على استعداد للموت لذا خرجوا بلا رهينة ولا دروع من أجل الموت وليس المقاومة أو التفاوض.
ثالثاً: لم يتركوا للمخابرات الفرنسية والأمريكية فرصة كشفهم والمساحة الإعلامية التي تعقب كل عملية بالكشف عن أسماء المنفذين، بل تركوا هويتهم بالسيارة، وبلغوا صاحب السيارة أنهم تدربوا باليمن.
وهنا بالفعل الخطورة، الانتقال النوعي من عمليات الإرهابيين الضخمة كما في 11 سبتمبر، أو احتجاز الرهائن من أجل لفت الأنظار أو الحصول على مكتسبات، أو التفجير العشوائي عبر الحزام الناسف، والانتقال لتنفيذ عملية محددة لا مفاوضات ولا مطالب فيها، الهدف القتل والتصفية. إذا تبنت المنظمات الإرهابية هذا النهج, فعلى الأجهزة الأمنية والسرية التعجيل في العمليات الاستباقية للوصول للإرهابيين المحتملين مع سرعة الحلول في إطفاء الحرائق في بيئات الإرهاب والحروب في الشرق الأوسط، ولا تترك سوريا تنزف بلا تضميد, ويترك: العراق، اليمن، ليبيا. جراحات مفتوحة، حتى وإن كان من نفذ في باريس هو باريسي المولد والتعليم والثقافة والبيئة، لكن لا يمكن إهمال التغذية الفكرية وبالمقابل الاستفزاز.