) جامعة اليمامة مؤسسة علمية تربوية شابة ضمن منظومة التعليم الأهلي العالي، أنشئت قبل بضْع سنوات في شمال مدينة الرياض لتنضم إلى نظيراتها في إضاءة شموع العلم والمعرفة على صراط المستقبل!
) ) )
) ومثلما جاء تأسيس هذه الجامعة ثمرة مبادرة مباركة سنّها مواطنون من روّاد الخير في بلد الخير، فقد سنّت الجامعة بدورها أوائل هذا العام مبادرة كريمة تمثَّلت في إنشاء كرسي يحمل اسم (الدكتور غازي القصيبي للدراسات الثقافية والتنموية) تخليداً للدور الريادي لذلك الرجل المبدع وبخاصة في حقليْ الثقافة والتنمية.
) ) )
) وهو جهد مشكور يُحمد لجامعة اليمامة مرتين:
) الأولى، أنها أول جامعة في المملكة تسنُّ هذه المبادرة الوطنية تكريماً لرجل بذل من الجهد أكرمه وأسماه خدمة لوطنه.
) والثانية، أنها اتخذت خطوة شجاعة في هذا المجال متحدية بذلك بعض الصعوبات، والمالية منها بخاصة، لبلوغ هدفها المنشود والمحمود.
) ) )
) وقد احتفلت جامعة اليمامة الأسبوع قبل الماضي بتدشين مولودها الأكاديمي الفريد، فأقامت ندوة خاصة عن الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، الشاعر والأديب وفارس التنمية المبدع، واستضافت لهذه الغاية كوكبة من الأدباء والمفكرين والمحللين المعروفين للحديث عنه، وسيطرت على فقرات لقاء افتتاح الندوة (مشاعر التأبين) للرجل الراحل، من بعض المتحدثين والمتحدثات، بعضهم عرفوه أو عملوا معه في حياته، أو تابعوا إبداعاته، تضمهم جميعاً خيمة الإعجاب به والتقدير له.
) ) )
) وقد كنت ممن شرفوا بالدعوة الكريمة للحديث عن غازي في لقاء الافتتاح فكتبت ورقة قصيرة، استغرق إعدادها وقتاً طويلاً، بسبب الاحتقان الوجداني الذي غشاني وأنا أكتب كل حرف فيها، أقتطف منها بعض الفقرات، حيث قلت:
) رافقتْ رحيلَ غازي إلى الفردوس الأعلى - بإذن الله - تظاهرةٌ فريدة من الحب والأسى لم تجف منذ رحيله أجفانُ المحبين:
لماذا؟!
) ليسَ لأنه غازي المفكرُ والأديبُ والشاعرُ والإنسان الذي نَعَتْه قوافي الشعراء وقرائحُ الكتّاب فترةً غير قصيرة.. داخل وطنه وخارجه!
) وليسَ لأن غازي كان فيلسوفَ التنمية ومنظَّرَها ومن أبرزُ صانِعيها ومبدعِيها.
) وليس لأن غازي (وُلد) شاعراً ولمّا يتجاوز سنُّه التاسعة ثم نما ليكون (ربّان) القافية الفارهة والحرف الجميل.
) وليسَ لأن غازي كان منظومة إنسانية توفرت فيها خصَالٌ من طهر السريرة، ورجاحة العقل، وشجاعة الرأي، وعذوبة اللسان وسحر القلم!
) ) )
) وليسَ لأن حياته اقترنت بالتفّوق منذ ربيع صباه، بدءاً من البحرين فالقاهرة مروراً بلوس أنجلوس وانتهاءً بلندن، متوَّجاً مشوارَه الأكاديمي بشهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة لندن، ثم يعود إلى بلاده ليعمل عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود (الجامعة الأم)، فعميداً لكلية التجارة بها، فرئيساً لسكة الحديد، فوزيراً وعضواً بمجلس الوزراء منذ عام 1395هـ.
) ) )
) وقد تقلَّد خلال تلك الفترة حقيبتيْ الصناعة والكهرباء ثم الصحة، ثم غادر الوزارة فيما بعد ليعمل سفيراً لبلاده في البحرين فلندن، ثم يعود في وقت لاحق وزيراً مرةً أخرى حتى لقيَ ربَّه.. وكان له في كل من هذه الجولات بصمة صيت وإبداع!
) لهذه الأسباب وغيرها أكثر، (تأهل) أبو سهيل - رحمه الله - لهذا التكريم الرمزي الجميل من جامعة اليمامة تخليداً لذكراه، وهو أهل لما هو أجلّ وأجمل من ذلك بكثير!
) رحمه الله رحمة الأبرار، فقد كان سفيراً للإبداع أينما حل، وبعد أن رحل!