جمع الله تعالى في الآية الكريمة {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً} النبأ 27
بين الرجاء والحساب في متناظرتين لفظيتين لم يعهد أن اجتمعا، فكيف يرجو الإنسان المحاسبة والحساب؟
ويعدها أملاً يتوق إليه؟.
ثمة بعد عميق جدًا في هذا التضاد.. فالإنسان حين يعمل وهو مذكر دائمًا أنه تحت طائلة المحاسبة سيمتثل ويعمل ويؤدي الدور المرسوم له وزيادة طالما وجد القانون الذي يطرح التساؤلات المهمة.
من؟ ولمن؟ لماذا؟ ومتى؟ وكم؟ وكيف؟ وفي هذا قمة الخير له ولمن حوله ولمن يأتي بعده!
في كل شؤون الحياة أنت بحاجة لتسأل نفسك;
أنا لماذا هنا تحديدًا؟
وماذا سأنجز؟
ومتى أحقق ما خططت له؟
وكم من الوقت يحتاج الأمر؟
وكيف سيكون المنجز؟
الحساب أو المحاسبية سواء كانت ذاتية (الضمير) أو كانت خارجية (تطبيق القوانين والأنظمة)..
هي من مستوجبات الرحمة في البشر والحماية للنزاهة والعدالة في منح الحقوق وهي من عوامل الدافعية للإنتاج والمحبة للزمان والمكان.
فيذكر في الخير كل مكان وكل زمان وارف بالاستحقاق والعطاء وروح العمل الواحد ويذكر بالسوء كل مكان.
وزمان يغيب عنه رجاء الحساب ويتساوى فيه المحسن والمخطئ. فالحساب والحال هذه نعمة ترتجى.
يراد بها إنكار الباطل وإصلاح الخلل وتفريق الجموع التي يربطها حب المال حبًا جمًا!
الحساب المرتجى هو أداة العدل وهو آلة الحق في وجه الظلم.
فمن ذا الذي يخالف لله قولاً ويعد الحساب نوعًا من التعدي والتجاوز وهو رحمة ترتجى كما قال السميع العليم.