والشمس تتحيّن للمغيب، تأخذ معها ضوء النهار.
كان يوم جمعة بنكهة التأمل والترقب والهدوء الذي يسبق العاصفة!
كل الدروب مفتوحة باتجاه السماء
كل القلوب معلّقة بالرحمن أن يأتي الفرج من فوق.. من هناك من عل.
أفرش سجادتي في الممر من أجل ألا ترى دموعي..
أسجد طويلاً، أبكي، أتوسّل الله سبحانه أن يشفيها،
فوجئت بخطو أقدام وجلجلة تدخل غرفتها، أنهيت صلاتي مسرعة وأوقفت تبتلُّي ودخلت وجدتهن حول سريرها
ثلاث سيدات يرفعن طرف النقاب
يمطرن وجهها بالنفث واللعاب ذهلت
صرخت ماذا تفعلن؟ إنها تعاني من ضعف المناعة؟ أبعدتهن..
قلت من سمح لكن بالدخول عليها
قلن بصوت واحد:
تخافين عليها من الرقية الشرعية؟
لا حول ولا قوة إلاّ بالله!
قلت أخاف عليها من نفسي، ألا ترين؟؟؟ الكمام الذي أضعه على فمي؟ ألا تقرأن التوجيه المدوّن على باب غرفتها بضرورة ارتداء الكمام لأنّ المريض يعاني من ضعف المناعة؟
قالت إحداهن:
لا تعلمين أين تكون البركة، فلرب نفثة
مباركة من إحدانا خير من علاج سنة!
قلت من أنتن؟
وهل معكن شهادة صحية تؤكد خلوكن من الأمراض المعدية؟
كيف تتجولن في مستشفى تبعن للمرضى الزيت والعسل والفازلين
وتجمعن المال، تستغللن ضعف المرضى وتنفثن على النساء والأطفال بدون حسيب أو رقيب؟
خرجن مسرعات.
يردِّدن
لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
وأنا الآن أحوقل وأتحسب وشريط الذكريات يعبر مخيلتي وأنا أقرأ خبر إصابة راقٍ شرعي بفايروس كورونا بعد نفثه على مريض!
والذي نشر أمس الأول في جريدة مكة.
النفث يحتاج إلى تنظيم وتقنين في وزارة الصحة!
كيف يسمح لراقٍ أن يدخل على مرضى كورونا، إن ذلك يهدد بانتشار واسع للفيروس، فضلاً عن الخطر على الراقي نفسه!