لإيران تركيبة سياسية معقدة، وأمراض طائفية موروثة ومكتسبة، ولها خدع وانتهازيات منذ زمن بعيد، وتمارس أبشع أنواع وأساليب التضليل والخداع والتدخل في شؤون الآخرين، وتسوق بقوة لفكر أحادي متطرف، وترسم لنفسها صوراً فذة وماجدة ونادرة، وتنشر شعارات منتقاة وبراقة، إيران تحاول دائماً أن تبرز نفسها كقوة عظمى، والويل كل الويل لمن لا يعترف بعظمتها، أو يخطئ بتشخيص هذه العظمة، إيران تجيد إنتاج الصور واللافتات الدعائية، وتحاول رفع نفسها إلى مراتب سامية في التمجيد والتخليد والسؤدد، إيران تجيد صناعة القيود، وتتظاهر بتحطيم القيود، أوضاعها متأرجحة، والنتائج ستكون غير محسوبة العواقب، لها تباين في السياسة وفي المواقف وفي التعامل، إيران تمشي على صراط دقيق ملغوم بالأحقاد السياسية والعقائدية والعرقية والطائفية، لها أزمات كثيرة، ولا تدري كيف تضع أقدامها على طريق المستقبل في ظل تنافرها الحاد، إيران تخوض في الآونة الراهنة معارك سياسية خانقة متشعبة وخطيرة، وتتوالى عليها المصائب المأساوية، التي ستتجرع فيها السم الزعاف على جرعات قاتلة، فكرها جامد مثل بوابة خرسانية لا يمكن إزاحتها، والسبب الأساسي أنها عجزت عن فهم الأدوار والمؤثرات والشؤون العالمية، ولم تدرك بعد أنّ التغيرات العالمية ينبغي أن تكون في الحقائق والوقائع، وليست في البهت والخداع والمصائب، بمعنى يجب على إيران وبنيانها ومؤسساتها وأفكارها أن تتغير نحو الأفضل والأحدث، وليس مجرد دعاية تغيير لكن في واقعها تعيش في دهاليز الظلام، إنّ تمجيد الأشخاص وتأليههم في إيران، لا علاقة له بمنطق العقل والمنطق وحرية التفكير والوعي والتحضر، إنّ بريق التسلط، وسباقها المحموم نحو ذلك هو الذي هيمن على عقلها وهو الذي يقودها نحو منزلقات التشرد والضياع، تحت تأثير مغريات التمدد وغواية الاستحواذ، وهو الذي بعث فيها أحلام البحث عن سر العظمة، وهكذا وجدت إيران نفسها في خضم الماراثون المصيري للفوز بالكسب والسيطرة وإن كان بعيد المنال، إنّ إيران لم تدرك بعد أنّ أهدافها الحقيقة هي في تلاحم وتعاظم مشاريع البناء، والانتقال بالشعب الإيراني من حال البؤس والفقر والركود، إلى حال الانتعاش والرفاهية والغنى، لقد تصورت إيران الرؤى بأنها بغير هذا الشكل، فانحرفت مسارات مفاهيمها الخاطئة نحو مستنقعات التخبط، من هنا لابد لإيران البحث من جديد عن قواعد سياسية مبنية على الشفافية والوضوح، بعيداًعن الخداع والتلون لضبط التوازنات في ممارسة أعمالها السياسية وتعاملاتها الدولية، وصيانة نفسها من الانحرافات المزاجية، التي ستضعها في صراع عقيم مع كل دول العالم أجمع، إنّ سياسة الشد والجذب والعناد والغموض والعقد الطائفية والفتن التي تمارسها إيران حالياً، قد تنفجر في وجهها بقوة هائلة، ولن تنفعها الأقنعة المزيفة، ولا الأغطية السميكة، لأنّ زمن الرواج لهذه العبثيات، قصير وهجين ولن يؤدي مطلقاً لهدف أو غرض أو نتيجة.