وصلت بضاعة المتلونون النفعية في أسواق البهتان إلى حد التكدس والكساد، ووصلت أمورهم إلى التخبط الواضح والصريح في لعبة جر الحبل للفوز بالمكاسب السياسية تحت غطاء ديني واهن لكنه مكشوف، وباتت أوضاع التنافر بينهم مرشحة للانفلات والانقلاب في ظل ولاءاتهم الخارجية المتنوعة أطيافها،
لقد امتطى هؤلاء المتناحرون النفعيون سفنهم التي بلا شراع، وغاصوا بها في عمق المستنقعات القديمة المهجورة، واستعدوا لخوض معارك التمزق والتشرذم والتفكك والضياع، من دون أن يلتفتوا إلى مصير الوطن والأمة، إنهم يعرفون سلفاً بأن وطننا يصارع التيارات الجارفة لوحده، ويواجه كل التحديات الأمنية المرعبة لوحده، ويقف أمام كل الهجمات العالمية الإعلامية المغرضة المبغضة لوحده، وينافح عن الأمتين العربية والإسلامية لوحده، ويخدم شؤون الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين لوحده، لكن المتلونين وحدهم نكثوا العهد والوعد، وارتكنوا إلى الأساليب البالية في تصفية الحسابات، إن المتلونين بكل تنوعاتهم يحاولون زرع الفتنة بيننا كأبناء بلد واحد، وتمزيق نسيجنا الاجتماعي المتميز بأعمالهم الشريرة، مستخدمين كل معاول التهديم والتخريب، راسمين صورة مخيفة لمستقبلنا، وسائرين في الاتجاهات الوعرة التي تهدد ركائز أمننا الإستراتيجية الأساسية، لقد أصبح لدى هؤلاء المتلونين أعمال شريرة ، وأفكار خطيرة، وتهاتفوا بقوة على سحقنا واغتيالنا وتشريدنا ومحاولة رمينا في عمق الأودية السحيقة، خصوصا بعدما تفاقمت حدة الهواجس الانتهازية عندهم على حساب المشاعر الوطنية الغائبة، وتعاظم الغلو في الولاءات الخارجية، لقد غدت الأجواء عندهم مشحونة بالتوتر، حتى اقتربت مؤشراتها إلى قراءات عالية من التكلس والتبلد وانعدام الوطنية، لقد خذلونا وخدعونا وكذبوا علينا ردحاً طويلاً من الزمن حتى أوصلونا إلى هذه الأوضاع المزرية، لقد بات من حقنا الآن أن نبدي تذمرنا واستياءنا منهم أياً كانوا ومهما كانوا، إن الذين توحدت عندهم هواجس الخبث والنرجسية والجحود والنكران والتلون، حتى تجاوزوا العقل والمنطق والأخلاق في ارتكاب الهفوات والأخطاء الجسيمة، غير جديرين بالاحترام والاهتمام والتقدير، في الصين مثلا التي وصل تعداد سكانها اليوم إلى أكثر من ملياري صيني، لا مكان فيها للأفكار الحزبية والفئوية الضيقة، ولا مكان فيها للأغبياء والمتخلفين عقليا، بينما يعيش بيننا ومن بني جلدتنا من لا يزال يمارس ويملي علينا الفقه العشائري والطائفي والعرقي والحزبي، حتى تسلطوا علينا كالذباب بغياً وعدوانا مع سبق الإصرار والترصد، وانفردوا علينا في تنفيذ مشاريع الخراب، والتنظير لمشاريع الفناء، وبحت أصواتهم في النشيد للدماء، لقد تشقلبت الرؤى عندهم إلى المستوى الشديد العتمة، عندما أعلنوا رفضهمللحياة، وإصرارهم على ممارسة الموت والفناء، في سابقة خطيرة تعكس ما وصلوا إليه من أفكار جامدة لا تخدم الإنسان والحياة، إن الملونين لا يملكون القدرة على العمل والإنتاج والاختراع والابتكار، ولا يعرفون كيف يعملون في الفضاءات الحرة المفتوحة، بقدر معرفتهم التامة بالعمل تحت الأرض وفي الظلام، إنهم يملكون قلقا نفسيا، وتوترا عصبيا، وازدواجية في الفهم وفي المعايير، لهذا نجدهم يمقتون الضوء والنهار، ويعشقون الظلام والخراب.