يظل اسم المملكة عالياً وفي موقع الاحترام، حين يكون الحديث عن التعامل الصحيح مع المجاميع الإرهابية، فقد كان للمملكة الأسبقية في ذلك بين دول العالم، حين قامت بضربات استباقية شلّت من قدرة هذه القوى والتنظيمات على فرض أجندتها ومخططاتها على بلادنا ومواطنينا، ما جعل العالم يتابع باندهاش هذه القدرة وهذا التخطيط وتلك الحكمة التي كانت سمة مواقف المملكة من هذه التنظيمات الإرهابية المشبوهة.
***
فقد كان رجال المباحث على مستوى عالٍ من الفطنة والقدرة والدراية والمتابعة والجهوزية والخبرة وبعد النظر، مكنتهم من أن يصلوا إلى مواقعهم ومخابئهم، ويلقوا القبض عليهم قبل أن يصل غدرهم وضررهم إلى أي مواطنٍ أو مقيم، إذا ما استثنينا تلك البدايات التي لم يكن أحدٌ منا يتوقّع أن يفجروا مجمعات بكاملها على ساكنيها من الأطفال والنساء.
***
لكن رجال الأمن كانوا -فيما عدا ذلك- على موعد بطولي وشجاعٍ لوضع أيديهم على مفاتيح العمليات الإرهابية، وإقفال جميع الأبواب الموصلة لها، من خلال عمليات استباقية لم تعطِ الإرهابيين حتى الفرصة للتفكير أو المناورة، لكسب الوقت، أو للتحضير من جديد لما كانوا ينوون أن يقوموا به من عمليات إرهابية، مما وفرّ الاطمئنان والشعور بالأمان لدى المواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء.
***
ولم يكن ردّ فعل المسؤولين على من يتم القبض عليهم انفعالياً، أو انتقامياً، أو تعاملاً بالمثل، وإنما مورس معهم أرقى أساليب التعامل على قاعدة بـ(التي هي أحسن) فوجهوا إلى حيث المناصحة في برنامج ابتكره الأمير محمد بن نايف، وأطلق عليه اسمه؛ وقد أعطى ثماره.. ولا يعاب عليه إن لم يلتزم بعض من يتم الإفراج عنهم بما أظهروه من استجابةٍ وتعاونٍ وتعهدٍ بعدم تكرار ما حدث.
***
وجاء الاهتمام الأكبر والأهم بهذه القضية على المستوى الداخلي والخارجي معاً من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي وعد في وقت مبكر بالصفح والأمان لكل إرهابي يعلن ندمه ويسلِّم نفسه للسلطات الأمنية، كما دعا إلى مؤتمر عالمي عُقد في الرياض مع توسع العمليات الإرهابية بهدف البحث عن علاج لموضوع الإرهاب على مستوى العالم للحيلولة دون تنامي نشاطه وتمدّده، فضلاً عن قيامه بتحمّل تكاليف إقامة مبنى لهذا الغرض في العاصمة النمساوية، مع تبنيه لمؤتمرات الحوار بين الحضارات والأديان، تحت شعار قبول الآخر، باعتبار أن ذلك يساعد على تضييق الخناق على الإرهابيين.
***
إن الحديث عن الإرهاب، يجعلنا نتساءل: من الذي صنع داعش والنصرة وحزب الله والحوثيين والإخوان المسلمين وغيرها؟.. ولماذا هذا التعامل المرن مع نظام يقتل شعبه كنظام بشار الأسد؟.. ومن الذي أوصل العراق إلى ما وصل إليه بقيادة عميل إيران المالكي؛ ومثله ليبيا واليمن والصومال والسودان بشماله وجنوبه؟.. ومتى يتفهم العالم أننا أمام فرصةٍ تاريخيةٍ مواتيةٍ لقهر الإرهابيين، إذا ما أصغي إلى صوت العقل والحكمة والقراءة المستقبلية للأحداث، صوت عبدالله بن عبدالعزيز وقراءته الصحيحة لموضوع الإرهاب.