هل كُتِب على العرب أن يكونوا وقوداً لنزوات نفر من المغامرين من أبنائهم، من ذوي السوابق والفكر السيئ، وأن تكون المناطق العربية ساحة للحروب العبثية، تجرّب فيها مختلف أنواع الأسلحة، ويغتنمها العسكريون في دول العالم فرصة لتدريباتهم، دون أن تكون هناك من الدروس والعِبر ما يعوّل عليها لإنقاذ الأمة العربية من هذا الجحيم!!
***
يستخدم هؤلاء الإرهابيون الإسلام ذريعة - وهو دين يتمتع بالسماحة والفكر الخلاَّق-، في إقناع المجتمعات بسلامة تصرفاتهم، بينما هم يشوهون صورة الإسلام، ويعطون لغير المسلمين أسوأ انطباع عن الدين الإسلامي، بأنه دين يقوم على القتل بهذه الوحشية التي نراها، مثلما فعلت داعش ظلماً وعدواناً بقتل الرهائن الأجانب.
***
إن أي حديثٍ عن العنف الذي تتوسع دائرته، وتتنوّع مظاهره، يجب أن نواجهه بالإدانة المطلقة، والتنديد دون تردد، وأن أولى من يؤدي هذه الرسالة هم المشايخ والدعاة، ومن يقوم على المنابر خطيباً أو إماماً، وأي سكوتٍ عن هذه الجرائم، أو تجاهل لها، يضع هؤلاء أنفسهم في خندق واحد مع القتلة الذين روَّعوا الأمة وأساءوا إليها، واستباحوا حرماتها بما فعلوه ويفعلونه من اعتداء وقتل وتشريد وهدم.
***
وعلى كل عربي ومسلم أن يضع نفسه في موقع المسؤولية في الذَّب عن حقوق بلاده ومواطنيه، والدفاع عن شرف أمته وحقها في الحياة الحرة الكريمة، وأن يتعامل مع هذه المستجدات الخطيرة بوصفها موجهة له، ومستهدفة لاستقرار بلاده، وما لم يكن كذلك، فهو الآخر شريك - بغباء أو عن اقتناع- ضمن هذه المجموعات الإرهابية، ما يعني أننا أمام تحدٍ بالغ الخطورة في ظل هذا الصمت المريب من البعض، والمجاهرة بالتأييد للإرهابيين من قِبل البعض الآخر.
***
لقد أثارت المواقف - وتحديداً المشبوه منها- أمامي الكثير من الأسئلة، واستحضرت من خلالها الكثير من التوقعات المستقبلية، ربما شاب بعضها التفاؤل، وبعضها الآخر شيء من التشاؤم، لكن بقي إيماني قوياً بأنه ما من أحدٍ يمكن له أن يعرّض منطقتنا - تحديداً - بأكثر مما هي عليه الآن من سوء، إلا حين نتعامل مع الخارجين على النظام ممن يعتدون حالياً على حقوق غيرهم، بالهدوء والسكينة وعدم المبالاة، وترك حله للزمن والتاريخ، أو كما يُقال أحياناً للأجيال القادمة.
***
وما زلت أطرح الأسئلة، انطلاقاً من هول الصدمة، وحجم المأساة، التي ألقت بظلالها على حياة الناس في منطقتنا، وستظل الأسئلة حاضرة ومتكاثرة وتتردد في ذهن كلٍّ منّا، طالما بقيت الحال على ما هي عليه، وطالما أن هذه المجموعات بدمويتها ووحشيتها تغرر بالصغار والمراهقين من أبنائنا، وتعدهم بالجنة، وما سيجدونه فيها من نعيم وحور عين، وكأن مفاتيح الجنة بأيديهم، وتحت تصرفهم، تهبها لمن تشاء، وتمنعها عمّن تشاء!
***
لقد آن الأوان لاستخدام أساليب أخرى غير تقليدية في إعلامنا، ومنابرنا الإسلامية، لكشف عوار هذا التفكير المجنون لدى بعض شبابنا، وحمايتهم من هذا الفكر الملوّث بدماء الأبرياء والأحرار، ضمن التصدي لكل عمل إرهابي تقوده الأنظمة أو المجاميع الإرهابية، وحسبنا إن فعلنا ذلك، فقد ساعدنا الخيرين منا - قادةً وأفراداً - في التصدي لهذا الوباء، ودفع الخطر المحدق بمنطقتنا، وبالتالي منع هؤلاء الدمويين من أن ينالوا من أمنها واستقرارها.