ما بين عشرين ألفاً إلى ثلاثين ألفاً يبلغ عدد إرهابيي داعش بحسب الرواية الأمريكية الرسمية المعلنة - لاحظوا الفرق الكبير بين 20 ألفاً و30 ألفاً - بينما لا تتحدث داعش بإمكاناتها المتواضعة عن أي معلومات قد تقود إلى معرفة مكامن قوتها وضعفها، فأين هي تلك الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الاستخبارات الأمريكية من هذا الغموض الذي يلف الحالة الداعشية، ألا يثير ذلك الشك في المصداقية الأمريكية في حربها لداعش، وهي التي تعلن نهاراً وجهاراً بأن الحرب ستمتد إلى سنوات طويلة أمام قوة يتراوح عدد أفرادها ما بين عشرين إلى ثلاثين ألفاً فقط، فهل هذه القوة المتواضعة تحتاج إلى تجييش دول العالم في تحالف للقضاء على الإرهاب الداعشي، وأن الحرب عليها قد يحتاج إلى سنوات طويلة من الانتظار.
***
لا بأس أن تطول الحرب وصولاً إلى القضاء على داعش، لكن ما هو الثمن الذي سيدفعه الناس والدول في منطقتنا، أعني من القتلى والدمار والمال الذي سيوظّف لتمويل حرب طويلة كهذه، ألا يثير ذلك خوفنا إذا ما طالت الحرب أن تلد عن داعش مجموعات أخرى من الدواعش، لتصبح منطقتنا وكأنها حاضنة لتفريخ هذا النوع من المنظمات الإرهابية، دون أن تجفف قدرات العالم العسكرية منابعه وبالتالي نضمن عدم تكراره.
***
فها هي القاعدة، وإن تضاءل دورها، تهدي إلى العالم داعش والنصرة اللتين تتعاونان مع حزب الله والإخوان المسلمين والحوثيين، بدعم ومساندة من إيران وتركيا وسوريا وغيرها من الدول التي تشجع مثل هذه المجموعات لإيجاد خلل في أمن بعض دول المنطقة واستقرارها، دون أن تفكر دول العالم بأن الحريق الذي نكتوي به الآن قد يمتد إليها وتحديداً إلى ما هو أبعد بكثير من منطقتنا.
***
لو كانت دول العالم صادقة فعلاً في توجهها نحو القضاء على الإرهاب، لما سمحت بدخول حزب الله اللبناني طرفاً في الحرب السورية، ولما قبلت بالتدخل الإيراني في الشأن الداخلي لدول المنطقة بدءاً من احتلالها للجزر الإماراتية وتحكمها بالقرار العراقي والسوري، وصولاً إلى دعم الحوثيين في اليمن والمعارضة الشيعية في مملكة البحرين، ولما وقفت موقفاً سلبياً من بطش ودكتاتورية نظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه ويدمر بلاده على مدى أربع سنوات مضت ولا يزال، ولأنها ليست كذلك فها هي الآن لا تحرك ساكناً أمام احتلال الحوثيين لصنعاء وتمددهم إلى مدن أخرى.
***
نعم للحرب على داعش وكل الدواعش من أنظمة ومجموعات وأفراد، نعم لحماية الشعوب من بطش الأنظمة الفاسدة، نعم لمحاسبة أي دولة متجبرة يتبيّن أنها تمارس دعمها ومساندتها للإرهابيين وتباهي بذلك في الليل والنهار دون أن تخاف من أن ينالها أي عقاب، لكن إلى متى ودولنا وشعوبنا تكتوي بنار الحقد والكراهية والقتل الممنهج، ولا يجد من يشعل هذه النار من يقول له من الدول الكبرى كفى، إلى متى ونحن بانتظار أن يُساق القاتل إلى العدالة الدولية حاكماً أو محكوماً ممن كان وراء أوار هذه الحروب العبثية، لقد طال الانتظار، فهل كتب علينا أن نقول يا ليل ما أطولك، ثم نغمض أعيننا ونستسلم للموت البطيء الذي يخطط لنا.