Twitter «تويتر» أحد أشهر مواقع الشبكات الاجتماعية يقدم خدمة التدوين المصغر والتي تسمح لمستخدميه بإرسال «تغريدات» عن حالتهم أو عن أحداث حياتهم بحد أقصى 140 حرفاً للرسالة الواحدة، وتظهر هذه التحديثات في صفحة المستخدم،، ويمكن للمتابعين قراءتها مباشرة من صفحتهم الرئيسية أو زيارة ملف المستخدم الشخصي.. ظهر الموقع في أوائل 2006 م كمشروع تطوير بحثي أجرته شركة Odeo الأمريكية في سان فرانسيسكو، وصاحب الفكرة هو المبرمج ورجل الأعمال الأمريكي جاك دورسي الذي أطلق أول تغريدة في 26 مارس 2006 م قائلاً: «أقوم بضبط موقعي في تويتر»، وقد صنّفته مجلة MIT كأحد أكثر 35 شخصية مبتكرة في العالم تحت سن 35 سنة.
في أبريل 2007 م قامت شركة Odeo بتأسيس شركة مستقلة تحمل اسم Twitter.. واليوم وبعد مضي ما يقارب 9 سنوات تمنح شركة Twitter فريقاً بحثياً بمعهد ماساتشوستس للتقنية 10 ملايين دولار مقابل استخلاص الأفكار وتحليلها من التغريدات، وهي- كما يقول الخبر - المرة الأولى التي تتلقى فيها الجهود البحثية دعماً مالياً من تويتر.
وبموجب الاتفاقية يمنح الفريق البحثي حق الوصول لتغريدات تعود لبداية تأسيس الخدمة، إضافة إلى مؤشرات إحصائية تعين على تشكيل نتائج بحثية.
الخبر نشرته «مكة» في صفحتها الأخيرة يوم الثلاثاء الماضي، وهو في نظري خبر يستحق الوقوف عنده والتأمل فيه ومحاولة قراءة تداعياته المستقبلية على التحركات السياسية العالمية، واتجاهات التغيير الثقافي والاجتماعي في المجتمعات النامية عموماً والعربية منها على وجه الخصوص.
لقد كانت الشعوب تقرأ وتعرف التوجهات لدى شرائحها المختلفة عن طريق إرسال أناس يتجسسون ويرصدون ويدونون بعد أن يتوغّلوا داخل النسيج الاجتماعي ويتعرفوا على الناس ويستأنس بهم الأمراء والملوك ويطمئنوا إليهم، ولقد لعب المستشرقون دوراً كبيراً في هذا الباب خاصة الغربيين منهم وليس الحديث هنا عن هذا الموضوع بالذات، ولكن جاء هذا الكلام في سياق بيان أهمية هذا المنجز الحضاري العالمي لرصد وتحليل وقراءة حال الشعوب إزاء قضاياهم ومعرفة اتجاهاتهم نحو التغيير ورؤيتهم للآخر، ووجهة نظرهم فيما يدور حولهم من أحداث، وعندي يقين أنّ مخرجات تويتر ستكون يوماً ما هي المصدر الرئيس لكتابة الحقبة التاريخية التي تمر بالشعوب العالمية، خاصة وأن للموقع لغات عدة « الإنجليزية والهندية واليابانية والعبرية والأوردية والفرنسية والإيطالية والألمانية والتركية والكورية والهولندية والروسية والبرتغالية والإندونيسية، وفي مارس سنة 2012 م أصبح موقع تويتر متوفراً باللغة العربية، واللغات مرشحة للزيارة، علاوة على أن تويتر تجاوز كونه مجرد موقع للتواصل الاجتماعي، إلى أن أصبح ميداناً لمطارحة الأفكار والحوار حول ما يجد على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بكل حرية وشفافية، وبلا شعور بالخوف والوجل والحذر من عين الرقيب، بل وربما دون خوف من رب ولا وخز من ضمير، ولذا صار مع مرور الأيام خطراً يهدد الحكومات ووسيلة للتجيش ضد القادة والزعامات، وسبيلاً للضغط على متخذي القرار وصنّاعه على جميع المستويات وفي كل الدول والمجتمعات، وما حدث في مصر من توظيف العالم الافتراضي للثورة ضد الرئيس مثل حي وشاهد قائم وبرهان أكيد على ما ورد أعلاه.
ولذا ونحن نشهد الإجابة الفعلية عن ذلك السؤال الذي طالما تردد في أذهان الكثير منا.. ترى ما الفائدة التي تعود على هذه الشركة جراء فتحها الباب على مصراعيه وبالمجان ليقول كل من شاء ما شاء لمن شاء؟؟؟!!!
أقول ونحن نقرأ عن بدء التوظيف الفعلي لما كتبنا بأنفسنا عن أنفسنا وأوطاننا وقادتنا وأرضنا وديننا وأهلينا، يجب علينا في هذا الوقت بالذات أن نسترجع ما سبق وأن أكد عليه العقلاء وذكروا به من وجوب استشعار عظم أمانة القول وعدم الانسياق خلف الشعارات والتروي، حرصاً على الوصول للحقيقية بعيداً عن الأهواء والنزوات والنزعات، ومن أجل ألا يخدعنا البريق ويغرينا السراب وحتى لا يكون ما نكتبه بأيدينا ونغرد به في حساباتنا المصدر الذي نقيم به أفراداً وجماعات، شعوباً وقادات، والركيزة الأساس والقاعدة الكبرى التي عليها يكون التوجه العالمي إزاء قضايانا الداخلية منها والخارجية، الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمسئولية هنا ذاتية في الأساس ومجتمعية بعد ذلك قبل أن تكون رسمية،، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.