نحن.. وسفينة الاقتصاد العالمي

أسعار النفط تهبط، وأجواء الاقتصاد العالمي مضطربة بسبب الأحداث السياسية التي تعصف بأكثر من منطقة من العالم، فضلاً عن التغيرات التي حدثت في مجال استخراج وتصدير النفط ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في بلدانٍ عديدة وكذلك التطورات الاقتصادية العالمية التي تتأرجح بين مدٍ وجزر.

تقول السيدة كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي أن من المتوقع أن يبادر الصندوق إلى تخفيض توقعاته عن نمو الاقتصاد العالمي أثناء اجتماعاته التي سيعقدها غداً، الثلاثاء. هناك توقعات متشائمة بشأن المسار الذي سيكون عليه الاقتصاد العالمي خلال الفترة القادمة، وهذه التوقعات جاءت من أكثر من مصدر، وليس فقط من مديرة الصندوق التي تحدثت حول ذلك مؤخراً في محاضرة ألقتها في جامعة جورج تاون في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.

هذه التوقعات المتشائمة قد تتحقق وقد لا تتحقق، فبعض التوقعات التي يطرحها صندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات والهيئات الاقتصادية الدولية، وكذلك بعض الخبراء لا تتحقق لأن العوامل التي تحكم الاقتصاد كثيرة جداً وبعضها مفاجئة ولا يمكن التنبؤ بها، ولذلك كثيراً ما يأخذ الاقتصاد العالمي مسارات تتناقض تماماً مع التوقعات. ولكن ماذا يهمنا نحن هنا في المملكة من هذه التوقعات المتشائمة؟

ما يهمنا هو أنها تذكرنا بارتباطنا الشديد بالاقتصاد العالمي وما قد يتعرض له من هزات، وبهشاشة اقتصادنا الذي لا يزال يعتمد إلى حدٍ كبير جداً على المورد النفطي!

فمنذ سنوات طويلة، وبخاصة منذ بداية السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، ونحن نتحدث عن ضرورة تنويع قاعدة الاقتصاد الوطني. في تلك الحقبة بدأت المملكة في وضع خطط التنمية الخمسية، وانطلقت الخطة الخمسية الأولى بأهدافها الرائعة الجميلة. وعلى مدى أكثر من أربعة عقود من التنمية الاقتصادية المخططة رسمياً من الدولة تحقق الكثير لكننا لازلنا بعيدين عن تحقيق الهدف المعلن لجميع الخطط الاقتصادية وهو تنويع مصادر الدخل الوطني وتوسيع قاعدة الاقتصاد والنأي به عن تذبذبات الأسواق العالمية على النحو الذي يحدث الآن.

لست بحاجة إلى التأكيد إلى أنه حتى مع تنويع القاعدة الاقتصادية لن نكون بمنأى تام عن تذبذبات الاقتصاد العالمي فنحن جميعاً وبقية دول العالم في سفينة واحدة، ولكن من المؤكد أن الاعتماد على مصادر اقتصادية عديدة أفضل بكثيرٍ جداً من الاعتماد على مصدر واحد.